وقوله: "ما لم يكن نقع، أو لقلقة" بقافين الأولى ساكنةٌ، وقد فسره البخاريّ بأن النقع التراب؛ أي: وضعه على الرأس، واللقلقة الصوت؛ أي: المرتفع، وهذا قول الفراء، فأما تفسير اللقلقة فمتفق عليه، كما قال أبو عبيد في "غريب الحديث"، وأما النقع فرَوَى سعيد بن منصور، عن هشيم، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال: النقع الشّقّ؛ أي: شقُّ الجيوب، وكذا قال وكيع، فيما رواه ابن سعد عنه، وقال الكسائيّ: هو صنعة الطعام للمأتم، كأنه ظنه من النقيعة، وهي طعام المأتم، والمشهور أن النقيعة طعام القادم من السفر، وقد أنكره أبو عبيد عليه، وقال: الذي رأيت عليه أكثر أهل العلم أنه رفع الصوت؛ يعني: بالبكاء، وقال بعضهم: هو وضع التراب على الرأس؛ لأن النقع هو الغبار، وقيل: هو شق الجيوب، وهو قول شَمِر، وقيل: هو صوت لَطْم الخدود، حكاه الأزهريّ، وقال الإسماعيلي معترضًا على البخاريّ: النقع لعمري هو الغبار، ولكن ليس هذا موضعه، وإنما هو هنا الصوت العالي، واللقلقة ترديد صوت النواحة. انتهى. قال الحافظ: ولا مانع من حمله على المعنيين، بعد أن فسر المراد بكونه وضع التراب على الرأس؛ لأن ذلك من صنيع أهل المصائب، بل قال ابن الأثير: المرجح أنه وضع التراب على الرأس، وأما من فسره بالصوت، فيلزم موافقته للّقلقة، فحمل اللفظين على معنيين أولى من حملهما على معنى واحد. وأجيب بأن بينهما مغايرة من وجه كما تقدم، فلا مانع من إرادة ذلك. [تنبيه]: كانت وفاة خالد بن الوليد - رضي الله عنه - بالشام سنة إحدى وعشرين، قاله في "الفتح" ٤/ ٤٢ - ٤٤.