للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وكذا قال ابن السكن، وزاد: وهو الذي قتل ابن النوّاحة صاحب مُسيلمة في ولاية ابن مسعود بالكوفة، وفَتَحَ الرّيّ سنة ثلاث وعشرين، وأسند ما تقدم في خلافة عليّ، عن علي ابن المدينيّ، ووقع التصريح بأن المغيرة كان يومئذ أمير الكوفة في رواية لمسلم، وفي رواية الترمذيّ: "فجاء المغيرة، فصعد المنبر، فحَمِدَ الله، وأثنى عليه، وقال: ما بال النَّوْح في الإسلام"، ثم ذكر الحديث، وفي "كتاب العلم" من "صحيح البخاريّ" ما يدلّ على أن المغيرة مات، وهو أمير الكوفة في خلافة معاوية - رضي الله عنهما - (١).

(فَقَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ) - رضي الله عنه - (سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "مَنْ نِيحَ عَلَيْهِ) يقال: ناحت المرأة زوجها، وعليه تنوح نَوْحًا، ونُوَاحًا بالضّم، ونياحًا ونياحةً ومَنَاحً: إذا بكت عليه بجزَع وعَوِيل (٢). (فَإِنَّهُ يُعَذَّبُ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ) أي: بسبب النياحة، فـ "ما" يَحْتَفِل أن تكون مصدريّةً، وأن تكون موصولة (يَوْمَ الْقِيَامَةِ") ظرف لـ "يُعذَّب".

قال ابن العربيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: النَّوْح ما كانت الجاهليّة تفعله، كان النساء يقفن متقابلات يَصِحْن، وَيحْثين التراب على رؤوسهنّ، وَيضربن وجوههنّ، وفي ذلك جاء الحديث: "ليس منّا من حَلَقَ، أو سَلَقَ … " الحديث.

وقال الأبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: هذا الحديث نصّ فيما أنكرت عائشة - رضي الله عنها - من التعذيب على البكاء؛ لأن النياحة من البكاء بصوت، وحملُهُ على أن الميت أوصى بالنياحة عليه بعيد. انتهى (٣).

قال الجامع عفا الله عنه: قوله: "نصّ" محلّ تأمّل، وقوله أيضًا: "وحملُهُ على أن الميت أوصى بالنياحة عليه بعيد" فيه نظرٌ لا يخفي، بل هو من جملة الاحتمالات القريبة التي قيلت في توجيه الحديث، كما أسلفت تمام البحث في ذلك، فتبصّر.

[تنبيه]: وقع في هذا الحديث عند البخاريّ: "من طريق أبي نعيم، عن


(١) "الإصابة في تمييز الصحابة" ٥/ ٤٣١ - ٤٣٢.
(٢) راجع: "القاموس" ١/ ٢٥٤، و"المعجم الوسيط" ٢/ ٩٦١.
(٣) "شرح الأبيّ" ٣/ ٧٢ - ٧٣.