سعيد بن عبيد زيادة في أوله، ولفظه: سمعتُ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يقول:"إن كذبًا عليّ ليس ككذب على أحد، من كذَبَ عليّ متعمّدًا، فليتبوّأ مقعده بالنار"، سمعت النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يقول:"مَن يُنَحْ عليه يُعذّب بما نِيح عليه"، والشطر الأول قد تقدّم للمصنّف في "المقدّمة".
قال في "الفتح": قوله: "إن كذبًا عليّ ليس ككذب على أحد"؛ أي: غيري، ومعناه: أن الكذب على الغير قد أُلِفَ، واسْتُسْهِل خطبه، وليس الكذب عليّ بالغًا مبلغ ذاك في السهولة، وإن كان دونه في السهولة، فهو أشدّ منه في الإثم، وبهذا التقرير يندفع اعتراض مَن أَوْرد أن الذي تدخل عليه الكاف أعلى، والله أعلم.
وكذا لا يلزم من إثبات الوعيد المذكور على الكذب عليه أن يكون الكذب على غيره مباحًا، بل يستدَلّ على تحريم الكذب على غيره بدليل آخر، والفرق بينهما أن الكذب عليه تُوُعِّد فاعله بجعل النار له مسكنًا، بخلاف الكذب على غيره.
وقوله:(مَن يُنَحْ عليه يُعَذَّب) ضبطه الأكثر بضم أوله، وفتح النون، وجزم المهملة، على أن "مَنْ" شرطية، تجزم الشرط والجواب، ويجوز رفعه على تقدير: فإنه يعذبُ، ورُوي بكسر النون، وسكون التحتانية، وفتح المهملة، وفي رواية الكشميهنيّ:"مَن يناحُ" على أن "من" موصولة.
وقد أخرجه الطبرانيّ عن عليّ بن عبد العزيز، عن أبي نعيم، بلفظ:"إذا نِيح على الميت، عُذِّب بالنياحة عليه"، وهو يؤيد الرواية الثانية.
وقوله:(بما نِيح عليه)، كذا للجميع بكسر النون، ولبعضهم "ما نِيح" بغير موحَّدة، على أن "ما" ظرفية. انتهى (١)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - هذا متّفقٌ عليه.