للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

في الكتب الستة سوى بضعة عشر حديثًا، راجع: "تحفة الأشراف" (١).

شرح الحديث:

عن أبي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيّ - رضي الله عنه - (أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "أَرْبَعٌ فِي أُمَّتِي مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيةِ) أي: من أمورهم وخصالهم المعتادة، طُبع عليهنّ كثير من الأمة (لَا يَتْرُكُونَهُنَّ) أي: غالبًا، قال الطيبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: المعنى أن هذه الخصال تدوم في الأمة، لا يتركونهنّ بأسرهم تركَهُم لغيرها، من سنن الجاهلية، فإنهنّ إن تتركهنّ طائفة، باشرهنّ آخرون. (الْفَخْرُ) أي: الافتخار، وهو المباهاة والتمدّح بالخصال، والمناقب، والمكارم، إما فيه، وإما في أهله، قال في "الفائق": الفخر تعداد الرجل من مأَثره، ومآثر آبائه (فِي الْأَحْسَابِ) أي: في شأنها وسببها، والْحَسَبُ: ما يَعُدّه الرجل من الخصال التي تكون فيه؛ كالشجاعة، والفصاحة، وغير ذلك، وقيل: الحسب ما يَعُدّه الإنسان من مفاخر آبائه، قال ابن السِّكِّيت: الحسب والكرم يكونان في الرجل، وإن لَمْ يكن لآبائه شَرَفٌ، والشرف والمجد لا يكون إلَّا بالآباء، وقال في "الفائق": الفخر تعداد الرجل من مآثره ومأَثر الآباء، ومنه قولهم: من فات حسبه، لَمْ ينتفع بحسب أبيه.

ومعنى الفخر بالأحساب: هو: التفاخر، والتكبر، والتعظم بِعَدِّ مناقبه، ومآثر آبائه، وهذا يستلزم تفضيل الرجل نفسه على غيره؛ ليَحْقِره لا يجوز.

وفيه تنبيه على أن الحسب الذي يُحمد به الإنسان ما تحلّى به من خصال الخير في نفسه، لا ما يعدّه من مفاخره، ومآثر آبائه.

وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: الفخر في الأحساب: أي الافتخار بالآباء الكبراء والرؤساء، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله أذهب عنكم عُبّيّة الجاهليّة، وفخرها بالآباء، إنمّا مؤمن تقيّ، أو فاجر شقيّ، الناس كلّهم من آدم، وآدم خُلق من تراب" (٢). انتهى (٣).


(١) "تحفة الأشراف" ٨/ ٥٧١ - ٥٧٦.
(٢) حديث حسن، رواه أحمد ٢/ ٥٢٤، وأبو داود (٥١١٦)، والترمذيّ (٣٩٥٠ - ٣٩٥١).
(٣) "المفهم" ٢/ ٥٨٧.