للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(وَالطَّعْنُ فِي الأنسَابِ) أي إدخال العيب في أنساب الناس، والقدح فيهم، واستحقارهم، وذلك يستلزم تحقير الرجل آباء غيره، وتفضيل آبائه على آباء غيره وهو لا يجوز، قال التوربشتيّ: الظاهر أن المراد منه الطعن فيمن ينتسب إليه حجيجُ الطاعن، فينسب آباءه وذويه عند المساجلة، والمساءات إلى الخمول والخساسة، والغموض، والانحطاط؛ لأنه ذُكر في مقابلة الفخر بالأحساب.

وقال الطيبيّ: ويجوز أن يُكْنَى بالطعن في أنساب الغير عن الفخر بنسب نفسه، فيجتمع له الحسب والنسب، وأن يُحْمَل على الطعن في نسب نفسه. انتهى.

(وَالْاسْتِسْقَاءُ) أي: طلب السُّقيا (بِالنُّجُومِ) أي: بسببها؛ يعني: توقّع الأمطار عند وقوع النجوم في الأنواء، كما كانوا يقولون: مُطِرنا بنوء كذا، وقيل: المعنى: سؤال المطر من الأنواء، فإن كان ذلك على جهة اعتقاد أنَّها المؤثّرة في نزول المطر حقيقةً فهو كفر (١).

وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: و"الاستسقاء": استدعاء السُّقْيا وسؤاله، وكأنهم كانوا يسألون من النجوم أن تسقيهم؛ بناءً منهم على اعتقادهم الفاسد في أن النجوم تُوجد المطر وتخلقه. انتهى (٢).

وحاصل المعنى: أن اعتقاد الرجل نزول المطر بظهور نجم كذا حرامٌ، وإنما يجب أن يقال: مُطِرنا بفضل الله تعالى.

(وَالنِّيَاحَةُ") بالرفع، وهي الخصلة الرابعة، وهي: البكاء على الميت بصياح وعَوِيل وجَزَع، فيقول: وا ويلاه، وا حسرتاه، والندبةُ عدّ شمائل الميت ومحاسنه، مثل وا شُجاعاه، وا أسداه، وا جبلاه.

(وَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم - " ("النَّائِحَةُ) أي: المرأة التي صَنْعَتُها النياحة (إِذَا لَمْ تَتُبْ قَبْلَ مَوْتهَا) أي: قبل حضور موتها، قال التوربشتيّ: وإنما قيّد به؛ ليُعلم أن من شرط التوبة أن يتوب التائب، وهو يأمل البقاء، ويمكن أن يتأتى منه العمل الذي يتوب منه، ومصداق ذلك في كتاب الله - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ


(١) "المرعاة" ٥/ ٤٦٥.
(٢) "المفهم" ٢/ ٥٨٧.