للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ} الآية [النساء: ١٨].

وبمعناه حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - مرفوعًا: "إن الله يقبل توبة العبد ما لَمْ يُغَرْغِرْ"، رواه أحمد، والترمذيّ، والنسائيّ، وغيرهم (١).

(تُقَامُ) بالبناء للمجهول، من الإقامة، وهي الإيقاف (يَوْمَ الْقِيَامَةِ) بين أهل الموقف للفضيحة، قال الطيبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: "تقام": أي تُحشر، وَيحْتَمِل أنَّها تقام على تلك الحالة بين أهل النار، وأهل الموقف؛ جزاءً على قيامها في الْمَنَاحة، وهو الأمثلُ (٢). (وَعَلَيْهَا سِرْبَال) جملة حاليّة من فاعل "تقام"، والسِّربال: بكسر السين المهملة: القميص، وقوله: (مِنْ قَطِرَانٍ) متعلّق بصفة "سِرْبال"، وهو بفتح القاف، وكسر الطاء: طِلاءٌ يُطْلَى به، وقيل: دُهْنٌ يُدْهَنُ به الجمل الأجرب، وفي "القاموس": الْقِطْرَانُ بالفتح والكسر، وكَظَرِبَان: عُصَارةُ الأَبْهَل، والأَرْز، ونحوهما. انتهى (٣).

وقال الطيبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: "القطران" ما يتحلّب من شجر يُسمّى الأبهل، فيُطبخ، فتهنأ به الإبل الْجَرْبَي، فيحرق الْجَرَبَ بحرّه وحدّته، والجلدَ، وقد تبلغ حرارته الجوف. انتهى.

(وَدِرْعٌ) بكسر الدال: قميص النساء، والسربال القميص مطلقًا (مِنْ جَرَبٍ) أي من أجل جَرَبٍ كائنٍ بها.

وقال الطيبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: الدرعُ: قميص النساء، والسرابيل أيضًا: قميصٌ، لكن لا يختصّ بهنّ؛ يعني أنه يُسَلَّط على أعضائها الْجَرَبُ والْحِكَّة، بحيث يُغَطِّي جلدها تغطيةَ الدرع، فتُطْلَى مواقعه بالقطران؛ لِيُداَوَي، فيكون الدواء أدوى من الداء؛ لاشتماله على لَذْعِ القطران، وحدّته، وحرارته، وإسراع النار في الجلود، واشتعالها، ونتن الرائحة، وسواد اللون الذي تشمئزّ منه النفوس.

وقال التوربشتيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: خُصَّت بدِرْع من الجرب؛ لأنَّها كانت تَجْرَح


(١) حديث حسنٌ.
(٢) "الكاشف عن حقائق السنن" ٤/ ١٤١٨.
(٣) "القاموس المحيط" ٢/ ١١٩.