بكلماتها المحرقة قلوب ذوات المصيبات، وتَحُكّ بها بواطنهنّ، فعوقبت في ذلك المعنى بما يماثله في الصورة، وخُصَّت أيضًا بسرابيل من قطران؛ لأنَّها كانت تلبس الثياب السُّود في المأْتَمِ، فألبسها الله تعالى السرابيل؛ لتذوق وبال أمرها. انتهى.
[فإن قلت]: ذكر الخصال الأربع في الحديث، ولم يُرَتِّب عليها الوعيد، سوى النياحة، فما الحكمة فيه؟.
[قلت]: النياحة مختصة بالنساء، وهُنّ لا ينزجرن من هِجِّيرَاهُنّ انزجار الرجال، فاحتجن إلى مزيد الوعيد. انتهى (١)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي مالك الأشعريّ - رضي الله عنه - هذا من أفراد المصنّف - رَحِمَهُ اللهُ -.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [١٠/ ٢١٦٠](٩٣٤)، و (ابن ماجة) في "الجنائز"(١٥٨١)، و (عبد الرزاق) في "مصنّفه"(٦٦٨٦)، و (ابن أبي شيبة) في "مصنفه"(٣/ ٣٩٠)، و (أحمد) في "مسنده"(٥/ ٣٤٢ و ٣٤٣ و ٣٤٤)، و (الطبرانيّ) في "الكبير"(٣/ ٢٨٥)، و (الحاكم) في "مستدركه"(١/ ٣٨٣)، و (ابن حبّان) في "صحيحه"(٣١٤٣)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه"(٢٠٨٥)، و (البيهقيّ) في "الكبرى"(٤/ ٦٣)، و (البغويّ) في "شرح السنّة"(١٥٣٣)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): تحريم النياحة على الميت، قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: وهو مجمع عليه، وقال ابن حجر الهيتميّ الفقيه - رَحِمَهُ اللهُ -: وأخذ أئمتنا من هذه الأحاديث تحريم النَّوْح وتعديد محاسن الميت بنحو: وا كهفاه، مع رفع الصوت والبكاء، وتحريم ضرب الخدّ، وشق الجيب، ونشر الشعر، وحلقه، ونتفه، وتسويد