للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع عفا الله عنه: لا يبعد تماديهنّ؛ لأنهنّ في تلك الحالة مغلوبات، فتأمل، والله تعالى أعلم.

(قَالَتْ عَائِشَةُ) - رضي الله عنهما - (فَقُلْتُ) للرجل (أَرْغَمَ اللهُ أَنْفَكَ) وفي رواية النسائيّ: "أَرْغَمَ اللهُ أَنْفَ الْأَبْعَدِ"، وهو بالراء، والغين المعجمة: أي ألصق الله أنفك بالرغام - بفتح الراء - وهو التراب؛ إهانة، وإذلالًا، ووصفته بـ "الأبعد" لبعده عن الصواب، حيث أحرج النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بكثرة المراجعة.

وقال في "الفتح": دعت عليه من جنس ما أُمر أن يفعله بالنسوة، لفهمها من قرائن الحال أنه أحرج النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بكثرة تردّده إليه في ذلك.

وقال الطيبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: أي أذلّك الله، فإنك آذيت رسول الله - رَحِمَهُ اللهُ -، وما كففتهن عن البكاء، وهذا معنى قولها - رضي الله عنها -: "إِنَّكَ وَاللهِ، مَا تَرَكْتَ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - من العَنَاءِ"؛ أي: التَّعَب.

(وَاللهِ مَا تَفْعَلُ مَا أَمَرَكَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) بحذف متعلّقه؛ أي: ما أمرك به، والمراد لَمْ تفعل على وجه الكمال في الزجر، وإلا فقد قام بالأمر حيث نهاهنّ عن الضجر، قاله القاري.

وقال الكرمانيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: أي لَمْ تبالغ في النهي، ونفته، وإن كان قد نهاهن؛ لأنه لَمْ يترتب على نهيه الامتثال، فكأنه لَمْ يفعله، وَيحْتَمِل أن تكون أرادت لَمْ تفعل؛ أي: الحثو بالتراب. انتهى.

(وَمَا تَرَكْتَ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْعَنَاءِ) بفتح المهملة، والنون، والمدّ: أي المشقّة والتعب، وفي الرواية التالية: "من العِيّ" بكسر المهملة، وتشديد التحتانية، ووقع في رواية العُذْريّ "الغَيّ" بفتح المعجمة بلفظ ضدّ الرشد.

ومراد عائشة - رضي الله عنها - أن الرجل لا يقدر على ذلك، فإذا كان لا يقدر، فقد أتعب نفسه، ومن يخاطبه في شيء لا يقدر على إزالته، ولعل الرجل لَمْ يفهم من الأمر الحتم.

وقال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: معناه أنك قاصر لا تقوم بما أمرت به من الإنكار لنقصك، وتقصيرك، ولا تخبر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بقصورك عن ذلك حتى يرسل غيرك،