وفي الطبرانيّ من رواية ابن عون، عن ابن سيرين، عن أم عطية:"فما وَفَت غير أم سليم، وأم كلثوم، وامرأة معاذ بن أبي سبرة"، كذا فيه، والصواب ما في "الصحيح": "امرأة معاذ، وبنت أبي سبرة"، ولعل بنت أبي سبرة يقال لها: أم كلثوم، وإن كانت الرواية التي فيها "أم معاذ" محفوظةً، فلعلها أم معاذ بن جبل، وهي هند بنت سهل الجهنية، ذكرها ابن سعد أيضًا.
قال: وعُرِف بمجموع هذه الروايات النسوة الخمس، وهي أم سليم، وأم العلاء، وأم كلثوم، وأم عمرو، وهند إن كانت الرواية محفوظةً، وإلا فيختلج في خاطري أن الخامسة (١) هي أم عطية، راوية الحديث، ثم وجدت ما يؤيِّده من طريق عاصم، عن حفصة، عن أم عطية، بلفظ:"فما وفت غيري، وغير أم سليم"، أخرجه الطبراني أيضًا، ثم وجدت ما يَرُدّه، وهو ما أخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده"، من طريق هشام بن حسان، عن حفصة بنت سيرين، عن أم عطية، قالت:"كان فيما أُخذ علينا أن لا ننوح … " الحديث، فزاد في آخره:"وكانت لا تعدُّ نفسها"؛ لأنها لما كان يوم الحرّة لم تزل النساء بها، حتى قامت معهنّ، فكانت لا تَعُدّ نفسها لذلك.
قال: ويُجمَع بأنها تركت عدّ نفسها من يوم الحرَّة.
ويوم الحرّة قُتِل فيه من الأنصار مَن لا يحصى عدده، ونُهِبت المدينة الشريفة، وبُذِل فيها السيف ثلاثة أيام، وكان ذلك في أيام يزيد بن معاوية، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أم عطيّة -رضي الله عنها- هذا متّفقٌ عليه.
(١) وتعقّب العينيّ كلام الحافظ هذا، في "عمدة القاري" ٨/ ١٠٦ وقال: هذا قول بالتخمين، والمعتمد ما وقع في "الصحيح"، والذي وقع فيه أن الخمس: "هنّ أم سليم، وأم العلاء، وابنة أبي سبرة، وامرأة معاذ، وامرأة أخرى"، هذا حاصل ما اعترض به.