للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كَانَ أَبِي وَأَخِي، مَاتَا فِي الْجَاهِلِيَّة، وَإِنَّ فُلَانَة أَسْعَدَتْنِي، وَقَدْ مَاتَ أَخُوهَا" الْحَدِيث.

وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيّ مِنْ طَرِيق شَهْر بْن حَوْشَبٍ، عَنْ أُمّ سَلَمَة الأَنْصَارِيَّة، وَهِيَ أَسْمَاء بِنْت يَزِيد، قَالَتْ: "قُلْت: يَا رَسُول الله، إِنَّ بَنِي فُلَان أَسْعَدُونِي عَلَى عَمِّي، وَلَا بُدّ مِنْ قَضَائِهِنَّ، فَأَبَى، قَالَتْ: فَرَاجَعْته مِرَارًا، فَأَذِنَ لِي، ثمَّ لَمْ أَنُحْ بَعْد".

وَأَخْرَجَ أَحْمَد، وَالطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيق مُصْعَب بْن نُوح، قَالَ: أَدْرَكْت عَجُوزًا لَنَا، كَانَتْ فِيمَنْ بَايَعَ رَسُول الله -صلى الله عليه وسلم-، قَالَتْ: فَأَخَذَ عَلَيْنَا: "وَلَا يَنُحْنَ فَقَالَت عَجُوز: يَا نَبِيّ الله، إِنَّ نَاسًا كَانُوا أَسْعَدُونَا عَلَى مَصَائِب أَصَابَتْنَا، وَإِنَّهُمْ قَدْ أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَة، فَأَنَا أُرِيد أَنْ أُسْعِدهُمْ، قَالَ: "فَاذْهَبِي، فَكَافِئِيهِمْ قَالَتْ: فَانْطَلَقْت فَكَافَأْتهمْ، ثُمَّ إِنَّهَا أَتَتْ فَبَايَعَتْهُ.

قال الحافظ: وَظَهَرَ مِنْ هَذَا كُلّه أَنَّ أَقْرَب الأَجْوِبَة، أَنَّهَا كَانَتْ مُبَاحَة، ثُمَّ كُرِهَتْ كَرَاهَة تَنْزِيه، ثُمَّ تَحْرِيم. وَالله أَعْلَم. انتهى كلام الحافظ رحمه الله (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي رجحه الحافظ أخيرًا حسن، ولكنّ ما تقدّم عن النوويّ رحمه الله أحسن منه، وخلاصته أنه -صلى الله عليه وسلم- رخّص لهؤلاء النساء: أم عطيّة، وغيرها، من اللاتي طلبن منه استثناء المساعدات مكافأةً لما مضى، فخصّهنّ بذلك، فهذا جواب لا غبار عليه، وقد مرّ آنفًا أنه -صلى الله عليه وسلم- رخّص لأبي بردة في التضحّية بجَذَعة، وكذا لعقبة بن عامر، إن كان محفوظًا، كما سيأتي تحقيقه في "كتاب الأضاحي" -إن شاء الله تعالى- والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.


(١) "الفتح" ١٠/ ٦٩١ - ٦٩٢.