فَيَكُون الإِذْن لِمَنْ ذُكِرَ وَقَعَ فِي الْحَالَة الْأُولَى؛ لِبَيَانِ الْجَوَاز، ثُمَّ وَقَعَ التَّحْرِيم، فَوَرَدَ حِينَئِذٍ الْوَعِيد الشَّدِيد.
وَقَدْ لَخَصَّ الْقُرْطُبِيّ رحمه الله بَقِيَّة الأَقَاوِيل الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا النَّوَوِيّ رحمه الله:
[مِنْهَا]: دَعْوَى أَنَّ ذَلِكَ قَبْل تَحْرِيم النِّيَاحَة، قَالَ: وَهُوَ فَاسِد لِمَسَاقِ حَدِيث أُمّ عَطِيَّة هَذَا، وَلَوْلا أَنَّ أُمّ عَطِيَّة فَهِمَتْ التَّحْرِيم لَمَا اسْتَثْنَتْ.
قال الحافظ: ويُؤَيِّدهُ أَيْضًا أَنَّ أُمّ عَطِيَّة صَرَّحَتْ بِأَنَّهَا مِنَ الْعِصْيَان فِي الْمَعْرُوف، وَهَذَا وَصْف الْمُحَرَّم.
[وَمِنْهَا]: أَن قَوْله: "إِلَّا آلَ فُلَان" لَيْسَ فِيهِ نَصّ عَلَى أَنَّهَا تُسَاعِدهُمْ بِالنِّيَاحَةِ، فَيُمْكِن أَنَّهَا تُسَاعِدهُمْ بِاللِّقَاءِ، وَالْبُكَاء الَّذِي لَا نِيَاحَة مَعَهُ، قَالَ: وَهَذَا أَشْبَه مِمَّا قَبْله.
قال الحافظ رحمه الله: بَلْ يَرُدّ عَلَيْهِ وُرُود التَّصْرِيح بِالنِّيَاحَةِ، كَمَا سَأَذْكُرُهُ، وَيَرُدّ عَلَيْهِ أَيْضًا أَنَّ اللِّقَاء، وَالْبُكَاء الْمُجَرَّد لَمْ يَدْخُل فِي النَّهْي، فَلَوْ وَقَعَ الاقْتِصَار عَلَيْهِ، لَمْ يَحْتَجْ إِلَى تَأْخِير الْمُبَايَعَة حَتَّى تَفْعَلهُ.
[وَمِنْهَا]: أنه يَحْتَمِل أَنْ يَكُون أَعَادَ "إِلَّا آلَ فُلَان" عَلَى سَبِيل الإِنْكَار، كَمَا قَالَ لِمَنْ اسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ: "مَنْ ذَا؟ "، فَقَالَ: أَنَا، فَقَالَ: "أَنَا أَنَا". فَأَعَادَ عَلَيْهِ كَلَامه مُنْكِرًا عَلَيْهِ.
وتُعقّب بأنه يَرِدُ عَلَيْهِ مَا وَرَدَ عَلَى الْأَوَّل.
[وَمِنْهَا]: أَنَّ ذَلِكَ خَاصّ بِأُمِّ عَطِيَّة، قَالَ: وَهُوَ فَاسِد، فَإِنَّهَا لَا تَخْتَصّ بِتَحْلِيلِ شَيْء مِنْ الْمُحَرَّمَات. انتهى.
قال الحافظ: وَيَقْدَح فِي دَعْوَى تَخْصِيصهَا أَيْضًا ثُبُوت ذَلِكَ لِغَيْرِهَا، ويُعْرَف مِنْهُ أَيْضًا الْخَدْش فِي الأَجْوِبَة الْمَاضِيَة. فَقَدْ أَخْرَجَ ابْن مَرْدَوَيْهِ، مِنْ حَدِيث ابْن عَبَّاس، قَالَ: "لَمَّا أَخَذَ رَسُول الله -صلى الله عليه وسلم- علَى النِّسَاء، فَبَايَعَهُنَّ {أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا}، الآيَة [الممتحنة: ١٢]، قَالَتْ خَوْلَة بِنْت حَكِيم: يَا رَسُول الله
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute