٤ - (ومنها): أن للشارع أن يخصّ بعض المكلّفين بترخيص بعض الأحكام في حقّه، كما ثبت أنه -صلى الله عليه وسلم- رخّص لأبي بُردة بن نيار -رضي الله عنه- أن يُضحّي بِجَذَعَة، وقال:"لن تجزي عن أحد بعدك"، وكذا ثبت الترخيص لعقبة بن عامر -رضي الله عنه-، كما سيأتي تحقيق ذلك في "كتاب الأضاحي" -إن شاء الله تعالى- والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): في اختلاف العلماء في تأويل هذا الحديث: قال النوويّ رحمه الله: هذا الحديث محمولٌ على أن الترخيص لأمّ عطيّة في آل فلان خاصّة، ولا تحلّ النياحة لها، ولا لغيرها في غير آل فلان، كما هو ظاهر الحديث، وللشارع أن يخُصّ من العموم من شاء بما شاء، فهذا صواب الحكم في هذا الحديث. قال الحافظ: كذا قال، وفيه نظرٌ إلا أن ادّعى إن الذين ساعدتهم لم يكونوا أسلموا، وفيه بُعدٌ، وإلا فليدّعِ مشاركتهم لها في الخصوصيّة.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: كونهم مشاركين لها في الخصوصيّة ظاهر، لا شكّ فيه، فإنه -صلى الله عليه وسلم- لما أذن لها أن تساعدهم، لا يمكن ذلك إلا بجواز ذلك لهم معها، والله تعالى أعلم.