للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أقوام عن وَدْعِهم الْجُمُعات": أي عن تركهم، فقد رُويت هذه الكلمة عن أفصح العرب، ونُقلت من طريق القرّاء، فكيف يكون إماتةً، وقد جاء الماضي في بعض الأشعار، وما هذا سبيله فيجوز القول بقلّة الاستعمال ولا يجوز القول بالإماتة. انتهى (١).

(إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ) أتى بـ "إذا" الدالة على تحقق الوقوع، تنبيهًا على أن هذه عادة المنافق. (وَإِذَا عَاهَدَ) من المعاهدة، وهي المحالفة والمواثقة (غَدَرَ) من الغَدْر وهو ترك الوفاء به، وفي "المجمل": الغدر: نقض العهد، وتركه، ويقال: أصله من الغدير، وهو الماء الذي يُغادره السيل: أي يتركه، يقال: غادرت الشيء: إذا تركته، فكأنك تركت ما بينك وبينه من العهد (٢) (وَإِذَا وَعَدَ) يقال: وَعَدَهُ وعدًا، يستعمل في الخير والشرّ، ويُعَدّى بنفسه وبالباء، فيقال: وعده الخير وبالخير، وشرًّا وبالشرّ، وقد أسقطوا لفظ الخير والشر، وقالوا في الخير: وعده وعدًا وعِدَةً، وفي الشرّ: وعده وَعِيدًا، فالمصدر هو الفارق، وأوعده إيعادًا، وقالوا: أوعده خيرًا، وشرًّا بالألف أيضًا، وأدخلوا الباء مع الألف في الشرّ خاصّةً، والخلف في الوعد عند العرب كذبٌ وفي الوعيد كرمٌ، قال الشاعر [من الطويل]:

وَإِنِّي وَإِنْ أَوْعَدتُهُ أَوْ وَعَدْتُهُ … لَمُخْلِفُ إِيعَادِي وَمُنْجِزُ مَوْعِدِي

وقال في "الفتح": قال صاحب"المحكم": يقال: وعدته خيرًا ووعدته شرًّا، فإذا أسقطوا الفعل قالوا في الخير: وَعَدته، وفي الشر: أوعدته، وحكى ابن الأعرابي في "نوادره": أوعدته خيرًا بالهمزة، فالمراد بالوعد في الحديث الوعد بالخير، وأما الشر فيستحب إخلافه، وقد يجب ما لَمْ يترتب على ترك إنفاذه مفسدة.

وأما الكذب في الحديث، فحَكَى ابن التين عن مالك: أنه سئل عمن جُرّب عليه كذب، فقال: أيُّ نوع من الكذب؟ لعله حَدَّث عن عيش له سلف فبالغ في وصفه، فهذا لا يضرُّ، وإنما يضر من حَدّث عن الأشياء بخلاف ما هي عليه قاصدًا الكذب. انتهى.


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٦٥٣.
(٢) "عمدة القاري" ١/ ٢٢٤.