للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(أَخْلَفَ) أي لَمْ يفعل ما وعد به.

(وَإِذَا خَاصَمَ) من المخاصمة، وهي المجادلة (فَجَرَ) من الفُجُور، وهو الميل عن القصد، والشّقُّ، أي مال عن الحقّ وقال الباطلَ، أو شقّ ستر الديانة.

وقال في "المفهم": "فَجَر": أي مال عن الحقّ، واحتال في ردّه وإبطاله، وقال الهرويّ: أصل الفجور: الميل عن القصد، وقد يكون الكذب. انتهى.

وقال الطيبيّ: الفجور في اللغة الميل والشقّ، فهو إما ميلٌ عن القصد المستقيم، وإما شقّ سَتْر الديانة، والمراد هنا الشتم والرمي بالأشياء القبيحة والبهتان. انتهى (١).

وقوله: (غَيْرَ أَنَّ فِي حَدِيثِ سُفْيَانَ) استثناء من سياق الحديث، فإنه رواه من طريقين: طريق عبد الله بن نُمير، وطريق سفيان الثوريّ، كلاهما عن الأعمش، فأشار إلى أنهما اتّفقا في سياق اللفظ إلَّا أن سفيان رواه بلفظ ("وَإِنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ، كَانَتْ فِيهِ خَصْلَة مِنَ النِّفَاقِ") بدل رواية ابن نمير بلفظ: ("وَإِنْ كَانَتْ فِيهِ خَلَّة مِنْهُنَّ إلخ")، والخصلة والخلّة بمعنى واحد، قال في "القاموس": الْخَصْلَة - أي بفتح، فسكون -: الْخَلَّةُ، والفضيلة، والرَّذِيلة، أو قد غَلَبَ على الفضيلة، جمعه خِصَال - بالكسر -. انتهى، والمناسب هنا: معنى الرَّذِيلة.

[تنبيه]: رواية سفيان التي أشار إليها هنا، هي التي أخرجها البخاريّ في "صحيحه"، فقال:

حدثنا قبيصة بن عقبة، قال: حدّثنا سفيان، عن الأعمش، عن عبد الله بن مرّة، عن مسروق، عن عبد الله بن عمرو: أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "أربع من كنّ فيه كان منافقًا خالصًا، ومن كانت فيه خصلة منهنّ كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا ائتُمن خان، وإذا حدّث كَذَب، كذا عاهد غَدَر، وإذا خاصم فَجَر".

انتهى، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.


(١) "الكاشف عن حقائق السنن" ٢/ ٥١٠.