والبخاريّ برقم [١٢٥٨]، وغيرهما، فلا التفات إلى خلاف من خالفها، فإن السنّة إذا صحّت فهي الحجة برأسها، وإن خالفها الجلّ، إلا لدليل ينسخها، أو يُقَدّم عليها، وليس هنا شيء من ذلك، فوجب المصير إليها.
وقد ترجم النسائيّ رحمه الله ترجمة خاصّة بمشروعية الزيادة في الغسل على السبعة، فقال:[٣٤]"غسل الميت أكثر من سبعة"، واستدلّ بالزيادة المذكورة في هذه الرواية، فللَّه درّه، ما أحسن استنباطه رحمه الله تعالى!!!.
وأما قول الحافظ وتبعه العينيّ: لم أر التعبير بقوله: "أكثر من ذلك" بعد قوله: "أو سبعًا" إلخ، فهو سهو منهما، فقد عرفت أن التعبير به ثابت في "الصحيحين"، فتنبّه والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.
(إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ) قال العلامة ابن الملقّن رحمه الله: وأتى -صلى الله عليه وسلم- بالنون الثقيلة لجماعة النساء من حيث إن الغسل لا يتعاطاه إلا جماعة منهنّ، لكن نظرًا للمصلحة الشرعية قد يكون لواحدة منهنّ، فحسن جمعهنّ في الرواية، وإفراد أم عطيّة في الخطاب.
قال: ومعنى "إن رأيتنّ" أي: إن رأيتنّ الزيادة في العدد، وعند الاحتياج، وليس معناه التخيير والتفويض إلى شهوتهنّ، وقيل: معناه إن رأيتنّ الغسل، وما أبعده، وبنى المالكية على ذلك منهم المازريّ الخلاف عندهم في وجوب الغسل، فمن قال بالثاني قال: إن غسله سنة، ومن قال بالأول قال: إنه واجب، وهذا مبنيّ على الخلاف في أن التقييد، والاستثناء، والشرط إذا تعقب جُمَلًا، هل يعود إلى جميعها، إلا ما أخرجه الدليل، أو إلى أقربها؟
وتعجّب بعضهم من النوويّ في نقله الإجماع على أن غسل الميت فرض كفاية، فإن الخلاف فيه عندهم، حكاه المازريّ وغيره، وقال القرطبيّ: الأولى أنه سنّة.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: كونه فرضًا هو الحقّ، كما هو قول الجمهور؛ لأمر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بذلك، وهو للوجوب عند عدم الصارف، كما هنا، والله تعالى أعلم.
قال: وليس عند مالك، وبعض أصحابه في غسل الميت تحديد بعدد