للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إلى المستحبّ الإيتار، ألا يُرى أنه نقلهنّ من الثلاث إلى الخمس دون الأربع، قاله في "العمدة" (١).

وقال النوويّ رحمه الله: المراد اغسلنها وترًا، وليكن ثلاثًا، فإن احتجتن إلى زيادة، فخمسًا، وحاصله أن الإيتار مطلوب، والثلاث مستحبّة، فإن حصل الإنقاء بها لم يُشْرَع ما فوقها، وإلا زيد وترًا، حتى يحصل الإنقاء، والواجب من ذلك مرة واحدة عامّة للبدن. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: قد علمت أن الراجح وجوب الثلاث؛ للأمر به في هذا الحديث، فتنبّه.

(أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكِ) بكسر الكاف؛ لأنه خطاب للمؤنّث؛ إذ القاعدة العربية أن يُجعل أول الكلام لمن يُسأل عنه، وآخره لمن يخاطبه، فيقول: كيف ذلك الرجل يا امرأة، وكيف تلك المرأة يا رجل، قاله ابن الملقّن رحمه الله (٢).

وفي رواية أيوب، عن حفصة الآتية: "اغسلنها وترًا ثلاثًا، أو خمسًا، أو سبعًا".

قال الحافظ رحمه الله: ولم أر في شيء من الروايات بعد قوله: "سبعًا" التعبير بأكثر من ذلك إلا في رواية لأبي داود، وأما ما سواها، فإما "أو سبعًا"، وإما "أو أكثر من ذلك"، فيَحْتَمِل تفسير قوله: "أو أكثر من ذلك" بالسبع، وبه قال أحمد، فكره الزيادة على السبع، وقال ابن عبد البرّ: لا أعلم أحدًا قال بمجاوزة السبع، وساق من طريق قتادة، أن ابن سيرين كان يأخذ الغسل عن أم عطيّة، ثلاثًا، وإلا فخمسًا، وإلا فأكثر، قال: فرأينا أن أكثر من ذلك سبعٌ، وقال الماورديّ: الزيادة على السبع سَرَف. وقال ابن المنذر: بلغني أن جسد الميت يسترخي بالماء، فلا أحبّ الزيادة على ذلك. انتهى.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذه الأقوال كلها مخالفة للنصّ الصحيح الصريح في الزيادة على السبع، إن دعت الحاجة إليها، فإن رواية: "ثلاثًا، أو خمسًا، أو سبعًا، أو أكثر من ذلك" صحيحة، أخرجها المصنّف بعد حديثين،


(١) "عمدة القاري" ٨/ ٥٨.
(٢) "الإعلام بفوائد عمدة الأحكام" ٤/ ٤٢٩.