١١ - (ومنها): ما قاله ابن العربيّ رحمه اللهُ: هذا الحديث أصل في جواز التطفر بالماء المضاف إذا لم يُسلَب الماء الإطلاق. انتهى.
قال الحافظ رحمه الله: وهو مبنيّ على أن الصحيح أن غسل الميت للتطهير، كما تقدّم. انتهى.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: ما قاله العلامة ابن العربي رحمه الله هو الحقّ الذي يدلّ عليه حديث الباب وغيره، وقد تقدّم الردّ على الأقوال المخالفة له قريبًا، فتبصّر، والله تعالى أعلم.
١٢ - (ومنها): أن بعضهم استدّل به على عدم وجوب غسل من غسل ميتًا؛ حيث إن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لم يأمرهنّ بذلك، وسيأتي تمام البحث في هذا في المسألة التالية -إن شاء الله تعالى- والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في وجوب غَسْل من غسل ميتًا:
(اعلم): أنه استَدَلّ بعض أهل العلم بهذا الحديث على أنه لا يجب الغُسل على من غَسَلَ الميت، من حيث إنه موضع تعليم، فلو وجب لذكره النبيّ -صلى الله عليه وسلم-.
قال العلامة ابن الملَقِّن رحمه الله: وعدم الوجوب هو الصحيح، من مذهب الشافعي، ورواية المدنيين عن مالك، وهو قول أبي حنيفة، وأحمد، والجمهور، لكن قال الخطابي: لا أعلم أحدًا قال بوجوبه، وأوجب أحمد، وإسحاق الوضوء منه، والجمهور على استحبابه، والحديث المرويّ فيه من طريق أبي هريرة -رضي الله عنه-: "مَن غَسَلَ ميتًا فليغتسل، ومن مسّه فليتوضأ"، ضعيف بالاتفاق، كذا قال النوويّ في "شرح مسلم"، وتبعه بعض شراح هذا الكتاب يعني "عمدة الأحكام" وليس بجيّد، فقد حسّنه الترمذيّ، وصححه ابن حبّان، وابن السكن، وقال البخاريّ: الأشبه وقفه على أبي هريرة -رضي الله عنه-.
ويُحْمَل على الاستحباب بدليل حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ليس عليكم في غسل ميتكم غسل؛ إذا غسلتموه، فإن ميتكم ليس بنجس". رواه الحاكم في "مستدركه"، وقال: صحيح على شرط