البخاريّ، ثم قال: وفيه ردّ لحديث أبي هريرة الذي أسلفناه، وليس كما قال، بل يُعمل بهما، فيستحبّ الغسل، فإذا قلنا بالوجوب، فقيل: تعبّد، وقيل: محمول على نجاسة بدن الآدمي بالموت (١)، وهو قول بعضهم. وقيل: المعنى فيه حرمة الميت، حكاه الماورديّ. انتهى كلام ابن الملقّن رحمه الله تعالى.
وقال البغويّ رحمه الله في "شرح السنة": واختَلَف أهل العلم في الغسل من غسل الميت، فذهب بعضهم إلى وجوبه، وذهب أكثرهم إلى أنه غير واجب، قال ابن عمر، وابن عباس -رضي الله عنهم-: ليس على غاسل الميت غسل، وروي عن عبد الله بن أبي بكر، عن أسماء بنت عُميس امرأة أبي بكر أنها غسلت أبا بكر حين توفي، فسألت من حضرها من المهاجرين، فقالت: إني صائمة، وهذا يوم شديد البرد، فهل عليّ من غسل؟ فقالوا: لا.
وقال مالك، والشافعيّ: يستحبّ له الغسل، ولا يجب، وقال النخعي، وأحمد، وإسحاق: يتوضأ غاسل الميت، وقال أحمد: لا يثبت في الاغتسال من غسل الميت حديث، وقال ابن المبارك: لا يغتسل، ولا يتوضأ. انتهى كلام البغويّ رحمه الله.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: حديث: "من غسل ميتًا فليغتسل … " قال الحافظ في "الفتح": رواه أبو داود، من طريق عمرو بن عمير، ورواته ثقات، إلا عمرو بن عمير، فليس بمعروف، وروى الترمذيّ، وابن حبان، من طريق سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة نحوه، وهو معلول؛ لأن أبا صالح لم يسمعه من أبي هريرة -رضي الله عنه-، وقال ابن أبي حاتم، عن أبيه: الصواب عن أبي هريرة موقوف، وقال أبو داود بعد تخريجه: هذا منسوخ، ولم يبين ناسخه، وقال الذهليّ فيما حكاه الحاكم في "تاريخه": ليس فيمن غسل ميتًا حديث ثابت. انتهى.
وقد استوفى الكلام عليه الحافظ رحمه الله في "التلخيص الحبير"، ودونك عبارته، قال رحمه الله: حديث: "من غسل ميتًا فليغتسل" رواه أحمد، والبيهقيّ، من رواية ابن أبي ذئب، عن صالح مولى التوأمة، عن أبي هريرة بهذا، وزاد: