وفي الجملة هو بكثرة طرقه أسوأ أحواله أن يكون حسنًا، فإنكار النووي على الترمذيّ تحسينه معترض، وقد قال الذهبيّ في "مختصر البيهقي": طرق هذا الحديث أقوى من عدّة أحاديث، احتجّ بها الفقهاء، ولم يُعلّوها بالوقف، بل قدّموا رواية الرفع، والله أعلم.
وفي الباب عن عائشة، رواه أحمد، وأبو داود، والبيهقيّ، وفي إسناده مصعب بن شيبة، وفيه مقال، وضعفه أبو زرعة، وأحمد، والبخاريّ، وصححه ابن خزيمة.
وفيه عن عليّ، وسيأتي في "الجنائز"، وعن حذيفة ذكره ابن أبي حاتم، والدارقطنيّ في "العلل"، وقالا: لا يثبت، قلت: ونفيهما الثبوت على طريقة المحدثين، وإلا فهو على طريقة الفقهاء قويّ؛ لأن رواته ثقات، أخرجه البيهقيّ، من طريق معمر، عن أبي إسحاق، عن أبيه، عن حذيفة، وأعلّه بأن أبا بكر بن إسحاق الصبغيّ، قال: هو ساقط، قال: وقال علي ابن المدينيّ: لا يثبت فيه حديث. انتهى، وهذا التعليل ليس بقادح؛ لما قدمناه.
وعن أبي سعيد، رواه ابن وهب في "جامعه"، وعن المغيرة، رواه أحمد في "مسنده".
وذكر الماورديّ أن بعض أصحاب الحديث خرّج لهذا الحديث مائة وعشرين طريقًا، قال الحافظ: وليس ذلك ببعيد.
وقد أجاب أحمد عنه بأنه منسوخ، وكذا جزم بذلك أبو داود، ويدلّ له ما رواه البيهقيّ عن الحاكم، عن أبي عليّ الحافظ، عن أبي العباس الهمدانيّ الحافظ، ثنا أبو شيبة، ثنا خالد بن مخلد، عن سليمان بن بلال، عن عمرو، عن عكرمة، عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ليس عليكم في غَسل ميتكم غُسْل؛ إذا غسلتموه، إن ميتكم يموت طاهرًا، وليس بنجس، فحسبكم أن تغسلوا أيديكم"، قال البيهقيّ: هذا ضعيف، والحمل فيه على أبي شيبة.
قال الحافظ: أبو شيبة هو إبراهيم بن أبي بكر بن أبي شيبة، احتجّ به النسائيّ، ووثقه الناس، ومَن فوقه احتجّ بهم البخاريّ، وأبو العباس، هو ابن عُقْدة حافظ كبير، إنما تكلّموا فيه بسبب المذهب، ولأمور أخرى، ولم يضعفه