للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بسبب المتون أصلًا، فالإسناد حسن، فيجمع بينه وبين الأمر في حديث أبي هريرة بان الأمر على الندب، أو المراد بالغسل غسل الأيدي، كما صرّح به في هذا.

قلت: ويؤيِّد أن الأمر فيه للندب ما رواه الخطيب في ترجمة محمد بن عبد الله المخرّميّ من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: قال لي أبي: كتبتَ حديث عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر: "كنا نغسل الميت، فمنا من يغتسل، ومنا من لا يغتسل"؟. قال: قلت: لا، قال: في ذلك الجانب شابّ، يقال له: محمد بن عبد الله، يحدّث به، عن أبي هشام المخزوميّ، عن وهيب، فاكتبه عنه.

قلت: وهذا إسناد صحيح، وهو أحسن ما جمع به بين مختلف هذه الأحاديث، والله أعلم. انتهى كلام الحافظ رحمه الله في "التلخيص".

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: لقد أجاد الحافظ رحمه الله في تحقيق الكلام على هذا الحديث، وأفاد، وخلاصته أن حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، مرفوعًا: "من غسل ميتًا، فليغتسل .... " حسنه الترمذيّ، وصححه ابن حبان، وابن القطان، واحتجّ به ابن حزم، فالراجح أنه صحيح، لكنه محمول على الاستحباب؛ لحديث ابن عباس -رضي الله عنهما-، مرفوعًا: "ليس عليكم في غسل ميتكم غسل … " الحديث، وأثر ابن عمر -رضي الله عنهما-: "كنا نغسل الميت، فمنا من يغتسل … " الحديث، وكلاهما ثابتان، فالعمل بكلها متعيّن.

والحاصل أن المذهب الصحيح هو القول باستحباب الاغتسال لمن غسل الميت، والوضوء لمن حمله عملًا بكلّ الأحاديث.

ثم إن الراجح أن الأمر فيه تعبّديّ، والقول بكون الميت نجسًا باطل؛ لما تقدّم، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الخامسة): في اختلاف أهل العلم في غسل أحد الزوجين للآخر إذا مات:

(اعلم): أنه استدلَّ بعض أهل العلم بحديث الباب على أن النساء أحقّ بغسل الميتة من زوجها، وأنه لا يغسلها، إلا عند عدمهنّ، وهو مذهب الحسن، قال ابن الملقّن رحمه الله: وقد يمنع من ذلك حتى يتحقق أن زوج زينب