للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وكَتَمَ إسلامه خوفًا من أمه، فعَلِمَه عثمان بن طلحة، فأعلم أهله، فأوثقوه، فلم يزل محبوسًا، إلى أن هَرَب مع من هاجر إلى الحبشة، ثم رجع مع من رجع إلى مكة، فهاجر إلى المدينة، وشَهِد بدرًا، ثم أُحدًا، ومعه اللواء، فاستُشهد.

وقال البراء -رضي الله عنه-: أول من قدم علينا مُصعب بن عمير، وابن أم مكتوم، وكانا يقرئان القرآن، أخرجه البخاريّ في "صحيحه".

وذكر ابن إسحاق أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أرسله مع أهل العقبة الأولى، يُقرئهم، ويُعلّمهم، وكان مصعب، وهو بمكة في ثروة، ونعمة، فلما هاجر صار في قلّة، فأخرج الترمذيّ من طريق محمد بن كعب: حدّثني من سَمِع عليًّا، يقول: "بينما نحن في المسجد؛ إذ دخل علينا مصعب بن عُمير، وما عليه إلا بُردة، له مرقوعة بفَرْوَة، فبكى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما رآه للذي كان فيه من النعم، والذي هو فيه اليوم" (١).

(قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ) بالبناء للمفعول، والجملة مستأنفةٌ، أو في محل نصب على الحال من "مصعب"؛ أي: استُشهد في غزوة أُحد، وكان صاحب لواء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يومئذ، ثبت ذلك في مرسل عُبيد بن عُمير بسند صحيح، عند ابن المبارك في "كتاب الجهاد"، قاله في "الفتح". (فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ شَيْءٌ يُكَفَّنُ فِيهِ) وفي رواية البخاريّ: "فلم نَجِد شيئًا نكفِّنه فيه" (إِلَّا نَمِرَةٌ) بفتح النون، وكسر الميم، ثم راء: هي إزار، من صوف، مخطّط، أو بُردة، وفي "المصباح": والنّمِرَة" بفتح النون، وكسر الميم: كِسَاء فيه خطوط، بِيضٌ، وسُودٌ، تلبسه الأعراب، قال ابن الأثير: وجمعها نِمَار، كأنها أُخذت من لون النَّمِر؛ لما فيها من السواد والبياض. انتهى (٢).

(فَكُنَّا إِذَا وَضَعْنَاهَا عَلَى رَأْسِهِ) وفي رواية البخاريّ رحمه الله: "كنّا إذا غطّينا بها رأسه أي: سترنا بتلك النمرة رأس مصعب -رضي الله عنه- (خَرَجَتْ رجْلَاهُ) لكونها قصيرة، لا تُوَاري جسده كلّه (وَإِذَا وَضَعْنَاهَا عَلَى رِجْلَيْهِ خَرَجَ رَأَسُهُ) وكذا هو عند البخاريّ، وفي رواية النسائيّ: "خرجت رأسه" بإلحاق الفعل التاء، وما في


(١) راجع: "الإصابة" ٩/ ٢٠٨ - ٢٠٩، و"الفتح" ١١/ ٢٨٣.
(٢) "المصباح" ٢/ ٦٢٦، و"النهاية" ٥/ ١١٨.