للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قاله النوويّ رحمه الله (١).

وقال في "الفتح": هو كناية عن الغنائم التي تناولها من أدرك زمن الفتوح، وكأن المراد بالأجر ثمرته، فليس مقصورًا على أجر الآخرة.

قال: وهذا مشكل على ما تقدّم من تفسير ابتغاء وجه الله، ويُجْمَع بأن إطلاق الأجر على المال في الدنيا بطريق المجاز بالنسبة لثواب الآخرة، وذلك أن القصد الأول هو ما تقدّم لكن منهم من مات قبل الفتوح، كمصعب بن عُمير، ومنهم من عاش إلى أن فُتح عليهم، ثمّ انقسموا، فمنهم من أعرض عنه، وواسى به المحاويج، أوّلًا، فأوّلًا، بحيث بقي على تلك الحالة الأولى، وهم قليل، منهم أبو ذرّ، وهؤلاء ملتحقون بالقسم الأول، ومنهم من تبسّط في بعض المباح فيما يتعلّق بكثرة النساء، والسراري، أو الخدَم، والملابس، ونحو ذلك، ولم يستكثروا، وهم كثير، ومنهم ابن عمر، ومنهم من زاد، فاستكثر بالتجارة، وغيرها، مع القيام بالحقوق الواجبة والمندوبة، وهم كثير أيضًا، منهم عبد الرحمن بن عوف، وإلى هذين القسمين أشار خبّاب، فالقسم الأول، وما التحق به توفّر له أجره في الآخرة، والقسم الثاني مقتضى الخبر أنه يُحسب عليهم ما وصل إليهم، من مال الدنيا، من ثوابهم في الآخرة، ويؤيّده ما أخرجه مسلم، من حديث عبد الله بن عمرو، رفعه: "ما من غازية، تغزو، فتغنَمُ، وتَسْلَمُ، إلا تعجّلوا ثلثي أجرهم … " الحديث، ومن ثَمَّ آثر كثير من السلف قلّة المال، وقَنِعُوا به، إما ليتوفّر لهم ثوابهم في الآخرة، وإما ليكون أقلَّ لحسابهم عليه. انتهى (٢).

(مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ) أي: من هؤلاء الذين لم يأكلوا من أجرهم شيئًا مصعب بن عُمير -بصيغة التصغير- ابن هشام بن عبد مناف بن عبد الدار بن قُصيّ، يجتمع مع النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في قُصيّ، وكان يُكنى أبا عبد الله، من السابقين إلى الإسلام، وإلى هجرة المدينة.

قال الحافظ ابن عبد البرّ رحمه الله: أسلم قديمًا، والنبيّ -صلى الله عليه وسلم- في دار الأرقم،


(١) "شرح النووي" ٧/ ٦.
(٢) "الفتح" ١١/ ٢٨٢ - ٢٨٢، طبعة دار الريان.