للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَالْوَاحِدَ اذْكُرْ نَاسِبًا لِلْجَمْعِ … إِنْ لَمْ يُشَابِهْ وَاحَدًا بِالْوَضْعِ

(مِنْ كُرْسُفٍ) بضمّ الكاف والسين المهملة، بينهما راء ساكنة: هو القطن، وقال في "القاموس": الْكُرْسُفُ كعُصْفُرٍ، وزُنْبُورٍ: القطنُ. انتهى (١). وقال في "المصباح" الْكُرْسفُ: القطن، والكرسُفَةُ: أخصّ منه، مثالُ بُنْدُق، وبُنْدُقة. انتهى.

ووقع في رواية للنسائيّ بلفظ: "كُفّن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ثلاثة أثواب بِيضٍ يمانية، كرسفٍ"، قال ابن الأثير رَحِمَهُ اللهُ: جعل الكرسف وصفًا للثياب، وإن لم يكن مشتقًّا، كقولهم: مررتُ بحيّةٍ ذِرَاعٍ، وإبلٍ مائةٍ، ونحو ذلك. انتهى (٢).

وقولها: (لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ) قال النوويّ: رَحِمَهُ اللهُ: معناه: لم يُكَفَّن في قميص، ولا عمامة، وإنما كُفِّن في ثلاثة أثواب غيرهما، ولم يكن مع الثلاثة شيء آخر، هكذا فسره الشافعيّ، وجمهور العلماء، وهو الصواب الذي يقتضيه ظاهر الحديث، قالوا: ويستحب أن لا يكون في الكفن قميصٌ، ولا عمامةٌ، وقال مالك، وأبو حنيفة: يستحبّ قميص وعمامة، وتأولوا الحديث على أن معناه: ليس القميص والعمامة من جملة الثلاثة، وإنما هما زائدان عليهما، وهذا ضعيف، فلم يثبت أنه -صلى الله عليه وسلم- كُفِّن في قميص وعمامة.

وهذا الحديث يتضمن أن القميص الذي غُسِل فيه النبيّ -صلى الله عليه وسلم- نُزِع عنه عند تكفينه، وهذا هو الصواب الذي لا يَتَّجِهُ غيره؛ لأنه لو بقي مع رطوبته لأفسد الأكفان.

وأما الحديث الذي في "سنن أبي داود" عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- كُفن في ثلاثة أثواب: الْحُلَّةُ ثوبان، وقميصه الذي تُوُفِّي فيه، فحديثٌ ضعيفٌ، لا يصح الاحتجاج به؛ لأن يزيد بن أبي زياد أحد رواته مُجْمَعٌ على ضعفه، لا سيّما وقد خالف بروايته الثقات. انتهى كلام النوويّ رَحِمَهُ اللهُ (٣)، وهو تحقيقٌ حسنٌ جدًّا.

(أَمَّا الْحُلَّةُ) بضم الحاء المهملة، وتشديد اللام: جمعها حُلَلٌ، كغُرْفة


(١) "القاموس المحيط" ٣/ ١٨٨.
(٢) "النهاية في غريب الحديث" ٤/ ١٦٣.
(٣) "شرح النووي" ٧/ ٨.