للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وغُرَف، وهي بُرُود اليمن، ولا تسمّى حُلّةً إلا أن تكون ثوبين، من جنس واحد (١). (فَإِنَّمَا) وفي بعض النسخ: "فإنها" (شُبِّهَ) بتشديد الموحّدة، مبنيًّا للمفعول، يقال: شَبَّهتُ عليه تشبيهًا، مثلُ لَبَّسته عليه تلبيسًا وزنًا ومعنًى، فالمشابهة: المشاركة في معنًى من المعاني، والاشتباه: الالتباس، قاله الفيّوميّ رَحِمَهُ اللهُ (٢)، والمعنى هنا أنه اشتَبَه (عَلَى النَّاسِ فِيهَا) أي: في شأن الْحُلّة، وفي رواية النسائيّ: "فذُكر لعائشة قولهم: في ثوبين، وبُرْد من حِبَرَة، فقالت: قد أُتي بالبرد، ولكنهم ردّوه، ولم يُكفّنوه فيه"، وقولها: (أَنَّهَا) بفتح الهمزة بتقدير حرف التعليل؛ أي: لأنها، وَيحْتَمِل أن يكون بكسر الهمزة على أن الجملة تعليليّة، وهو تعليل للتشبيه عليهم؛ أي: إنما شُبّه عليهم؛ لأنها (اشْتُرِيَتْ) بالبناء للمفعول (لَهُ) -صلى الله عليه وسلم- (لِيُكَفَّنَ فِيهَا) بالبناء للمفعول أيضًا (فَتُرِكَتِ الْحُلَّةُ) بالبناء للمفعول أيضًا؛ أي: لم تُجعل في جملة الكفن (وَكُفِّنَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ، بِيضٍ، سَحُولِيَّةٍ، فَأَخَذَهَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ) الصدّيق، وهو عبد الله بن عبد الله بن عثمان، وهو شقيق أسماء بنت أبي بكر، ذكره ابن حبان في "الصحابة"، وقال: مات قبل أبيه، وثبت ذكره في "صحيح البخاري" في قصة الهجرة، عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: وكان عبد الله بن أبي بكر يأتيهما بأخبار قريش، وهو غلام شابٌّ فَطِنٌ، فكان يبيت عندهما، ويخرج من السَّحَر، فيصبح مع قريش.

وذكر الطبري في "تاريخه" أن عبد الله بن أُرَيقط الدُّئليّ الذي كان دليل النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لَمّا رجع بعد أن وصل النبيّ -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة، أخبر عبد الله بن أبي بكر الصديق بوصول أبيه إلى المدينة، فخرج عبد الله بعيال أبي بكر، وصحبهم طلحة بن عبيد الله، حتى قدموا المدينة.

وقال ابن عبد البرّ: لم أسمع له بمشهد إلا في الفتح، وحنين، والطائف، فإن أصحاب المغازي ذكروا أنه رُمِي بسهم، فجُرِح، ثم اندمل، ثم انتقض، فمات في خلافة أبيه، في شوال سنة إحدى عشرة.


(١) "النهاية" ١/ ٤٣٢، و"المصباح المنير" ١/ ١٤٨.
(٢) "المصباح المنير" ١/ ٣٠٤.