للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الميت لا يحملونه، إنما يحمله القليل منهم، لا سيّما اليوم، فإنما يحمله في الغالب مَن لا تعلّق له به. انتهى (١).

قال الحافظ رَحِمَهُ اللهُ: ويؤيّده -يعني كلام الفاكهيّ- حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-، قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إذا مات أحدكم، فلا تحبسوه، وأسرعوا به إلى قبره"، أخرجه الطبرانيّ بإسناد حسن، ولأبي داود من حديث حصين بن وَحْوَح، مرفوعًا: "لا ينبغي لجيفة مسلم أن تبقى بين ظهراني أهله … " الحديث. انتهى (٢).

وقال ابن قدامة رَحِمَهُ اللهُ: هذا الأمر بالإسراع للاستحباب، بلا خلاف بين العلماء، وشذّ ابن حزم، فقال بوجوبه. انتهى.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي أنه لا وجه للردّ على ابن حزم رَحِمَهُ اللهُ؛ لأن ظاهر النصّ معه؛ إذ هوأمر، والأمر للوجوب، إلا لدليل يصرفه إلى غيره، ولا دليل ذكروه هنا، إلا دعوى الإجماع الذي أشار إليه، فإن صحّ فذاك، وإلا فما قاله ابن حزم هو الحقّ، فتبصّر، والله تعالى أعلم.

(فَإِنْ تَكُ) بحذف النون، والأصل "تكون"، فدخل الجازم، فأسكن النون، فاجتمع ساكنان، الواو والنون، فحذفت الواو؛ لالتقاء الساكنين، ثم حُذفت النون تخفيفًا؛ لكثرة الاستعمال، وإلى هذا أشار ابن مالك في "الخلاصة" بقوله:

وَمِنْ مُضَارعٍ لِكَانَ مُنْجَزِمْ … تُحْذَفُ نُونٌ وَهْوَ حَذْفٌ مَا الْتُزِمْ

واسم "تك" المستتر يعود إلى الجنازة بمعنى الجثّة المحمولة، قال الطيبيّ: جُعلت الجنازة عين الميت، وجُعلت الجنازة التي هي مكان الميت مقدّمة إلى الخير الذي كُني به عن عمله الصالح، مبالغةً، كما قوله:

مَا دَرَى نَعْشُهُ وَلَا حَامِلُوهُ … مَا عَلَى النَّعْشِ مِنْ عَفَافٍ وَجُودِ

قال: ولما لاحظ في جانب العمل الصالح هذا قابل قرينها بوضع الشرّ عن الرقاب، وكان أثر عمل الرجل الصالح راحةً له، فأمر بإسراعه إلى ما


(١) "الإعلام بفوائدة عمدة الأحكام" ٤/ ٤٦٩ - ٤٧٠.
(٢) "الفتح" ٣/ ٥٣٩.