للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[أجيب]: بأن معناه آية المنافق كذبه عند تحديثه، وذلك مثل قوله تعالى: {فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} [آل عمران: ٩٧] على أحد التوجيهات، قاله الكرمانيّ.

[فإن قلت]: الوعد تحديث خاصّ، في معنى عطفه على التحديث؟ إذ الخاصّ لا يخرج من العامّ، فتكون الآية اثنتين، لا ثلاث؟.

[أجيب]: بأن مقابل الوعد الذي هو الإخلاف لما كان قد يكون فعلًا، والكذب الذي هو مقابل التحديث لا يكون فعلًا جعلا متغايرين؛ نظرًا إلى اعتبار تغاير مقابليهما، أو جُعل الوعد حقيقة أخرى غير داخلة تحت حقيقة التحديث على سبيل الادعاء؛ لزيادة قبحه، ونظيره عطف جبريل على الملائكة؛ تنبيهًا على زيادة شرفه، قال الشاعر [من الطويل]:

فَإِنْ تَفُقِ الأَنَامَ وَأَنْتَ منْهُمْ … فإِنَّ الْمِسْكَ بَعْضُ دَمِ الْغَزَالِ

وإنما خُصّت الثلاث بالذكر؛ لأنَّها مشتملة على المخالفة التي عليها مبنى النفاق من مخالفة السرّ الْعَلَن (١).

(وَإِذَا اؤْتُمِنَ) بالبناء للمفعول، من الائتمان، وهو جعل الشخص أمينًا، وذكر الكرمانيّ أن في بعض الروايات بتشديد التاء، وهو بقلب الهمزة الثانية منه واوًا، وإبدال الواو ياء، وإدغامها في الياء (خَانَ) من الخيانة، وهي التصرّف في الأمانة على خلاف الشرع، وقال ابن سيده: هو أن يؤتمن الإنسان، فلا ينصح، وفي "الجامع" للقزّاز: خان فلان فلانًا يخونه خيانةً، وأصله النقص، وفي "المصباح": خان الرجل الأمانة يخونها خَوْنًا وخيانةً، ومخانةً، يتعدّى بنفسه، وخان العهد، وفيه، فهو خائن، وخائنة مبالغةٌ، وخائنة الأعين قيل: هي كسر الطرف بالإشارة الخفيّة، وقيل: هي النظرة الثانية عن تعمّد، وفرّقوا بين الخائن، والسارق، والغاصب بأن الخائن هو الذي خان ما جُعِل عليه أمينًا، والسارق من أخذ خُفْيةً من موضعٍ كان ممنوعًا من الوصول إليه، وربّما قيل: كلُّ سارق خائنٌ دون العكس، والغاصب من أخذ جِهَارًا معتمدًا على قوّته. انتهى (٢).


(١) راجع: "شرح الكرماني على البخاريّ" ١/ ١٤٧ - ١٤٨.
(٢) "المصباح المنير" ١/ ١٨٤.