للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال ابن العربي القاضي: الذّرّة جزء من ألف وأربعة وعشرين جزءاً من حبّة، والحبّة ثُلُث القيراط، فإذا كانت الذرّة تُخرِج من النار، فكيف بالقيراط؟ قال: وهذا قدر قيراط الحسنات، فأما قيراط السيئات فلا. وقال غيره: القيراط في اقتناء الكلب جزء من أجزاء عمل المقتني له في ذلك اليوم.

وذهب الأكثر إلى أن المراد بالقيراط في حديث الباب جزء من أجزاء معلومة عند الله، وقد قرّبها النبيّ - صلى الله عليه وسلم - للفهم بتمثيله القيراط بأُحُد.

وقال الزين ابن المنيّر: أراد تعظيم الثواب، فمَثَّلَه للعيان بأعظم الجبال خَلْقاً، وأكثرها إلى النفوس المؤمنة حبًّا؛ لأنه الذي قال في حقّه: إنه جبل يحبنا، ونحبّه. انتهى. ولأنه أيضاً قريب من المخاطبين، يشترك أكثرهم في معرفته.

وخصّ القيراط بالذكر لأنه كان أقلّ ما تقع به الإجارة في ذلك الوقت، أو جرى ذلك مجرى العادة من تقليل الأجر بتقليل العمل.

وقال الطيبيّ: قوله: "مثل أُحُد" تفسير للمقصود من الكلام، لا للفظ القيراط، والمراد منه أنه يرجع بنصيب كبير من الأجر، وذلك لأن لفظ القيراط مبهم من وجهين، فبيّن الموزون بقوله: "من الأجر"، وبيّن المقدار منه بقوله: "مثل أحد".

وقال النوويّ وغيره: لا يلزم من ذكر القيراط في الحديثين تساويهما؛ لأن عادة الشارع تعظيم الحسنات، وتخفيف مقابلها، والله أعلم.

(وَمَنْ شَهِدَهَا حَتَّى تُدْفنَ)؛ أي: يُفرغ من دفنها؛ أي: بعد صلاته عليها، كما بيّنه في القسم الأول بقوله: "حتى يُصَلَّى عليها". وقد جاء التصريح بالصلاة في القسمين في رواية البخاريّ، ولفظه: "من اتبع جنازة مسلم إيماناً، واحتساباً، وكان معها حتى يصلَّى عليها، ويُفرغ من دفنها، فإنه يرجع من الأجر بقيراطين، كلّ قيراط مثلُ أحد، ومن صلّى عليها، ثم رجع قبل أن تُدفن، فإنه يرجع بقيراط".

قال في "الفتح": قوله: "ويُفرغ" بضم أوله، وفتح الراء، ويروى بالعكس، وقد أثبتت هذه الرواية أن القيراطين إنما يحصلان بمجموع الصلاة والدفن، وأن الصلاة دون الدفن يحصل بها قيراط واحد، وهذا هو المعتمد،