(سَمِعَ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:"مَنْ خَرَجَ مَعَ جَنَازَةٍ مِنْ بَيْتِهَا) هذا بيان صريح يفسّر مبدأ اتّباع الجنازة، وهو أن يصاحبها من بيتها (وَصَلَّى عَلَيْهَا، ثُمَّ تَبِعَهَا)؛ أي: بعد الصلاة (حَتَّى تُدْفَنَ)؛ أي: ولزمها حتى نهاية دفنها؛ لقوله في الرواية السابقة: "ويُفْرَغ من دفنها"، وفي رواية لأبي عوانة: "حتى يُسوّى عليها التراب"، وهي من أصرح الروايات في ذلك أيضاً (كَانَ لَهُ قِيرَاطَانِ مِنْ أَجْرٍ، كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ أُحُدٍ) بضمّتين: هو الجبل المعروف بقرب المدينة النبويّة من جهة الشام، وهو مذكّر، فينصرف، وقيل: يجوز تأنيثه على توهّم البقعة، فيُمنع من الصرف، وليس بقويّ (١)، وكانت فيه الوقعة المشهورة في أوائل شوّال سنة ثلاث من الهجرة (وَمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا، ثُمَّ رَجَعَ)؛ أي: قبل أن تُدفن (كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ أُحُدٍ"، فَأَرْسَلَ ابْنُ عُمَرَ) - رضي الله عنهما - (خَبَّاباً) صاحب المقصورة (إِلَى عَائِشَةَ) - رضي الله عنهما - (يَسْأَلُهَا عَنْ قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ) - رضي الله عنه - (ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِ فَيُخْبِرُهُ مَا قَالَتْ) وفي نسخة: "بما قالت".
[تنبيه]: قال الإمام أحمد - رحمه الله - في "مسنده": (٤٤٣٩) - حدّثنا هشيم، عن يعلى بن عطاء، عن الوليد بن عبد الرحمن الْجُرَشيّ، عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أنه مَرّ بأبي هريرة - رضي الله عنه -، وهو يُحَدِّث عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:"من تَبِع جنازة، فصلى عليها، فله قيراط، فإن شَهِد دفنها، فله قيراطان، القيراط أعظم من أحد"، فقال له ابن عمر - رضي الله عنهما -: أبا هريرة انظر ما تُحَدِّث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقام إليه أبو هريرة، حتى انطَلَق به إلى عائشة، فقال لها: يا أم المؤمنين، أَنْشُدُك بالله، أسمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:"مَن تَبعَ جنازةً، فصلى عليها فله قيراط، فإن شَهِد دفنها، فله قيراطان"، فقالت: اللهم نعم، فقال أبو هريرة: إنه لم يكن يَشْغَلني عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غَرْسُ الْوَدِيّ، ولا صَفْقٌ بالأسواق، إني إنما كنت أطلب من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلمة يعلمنيها، وأُكْلة يُطعمنيها، فقال له ابن عمر: أنت يا أبا هريرة، كنت ألزمنا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأعلمنا بحديثه. انتهى.
قال الجامع عفا الله عنه: رجال إسناده رجال الصحيح، ولا تنافي بينه وبين رواية المصنّف أن ابن عمر - رضي الله عنهما - أرسل خبّاباً إلى عائشة - رضي الله عنهما -؛ لاحتمال أن