أَثِمُوا، واستراحة البلاد مما يأتي به من المعاصي، فإن ذلك مما يحصل به الْجَدْب، فيقتضي هلاك الحرث والنسل.
وتعقّب الباجي أوّلَ كلامه بأن من ناله أذاه لا يأثم بتركه؛ لأنه بعد أن ينكر بقلبه، أو ينكر بوجه، لا يناله به أذى.
وَيحْتَمِل أن يكون المراد براحة العباد منه، لما يقع لهم من ظلمه، وراحةُ الأرض منه لما يقع عليها من غصبها، ومنعها من حقّها، وصرفه في غير وجهه، وراحة الدوابّ منه مما لا يجوز من إتعابها، ذكره في "الفتح".
وقال النوويّ - رحمه الله -: معنى استراحة العباد من الفاجر، اندفاع أذاه عنهم، وأذاه يكون من وجوه: منها ظلمه لهم، ومنها ارتكابه للمنكرات، فإن أنكروها قاسَوْا مشقّة من ذلك، وربما نالهم ضرره، وإن سكتوا عنه أثموا.
واستراحة الدوابّ منه كذلك؛ لأنه يؤذيها بضربها، وتحميلها ما لا تطيقه، وُيجيعها في بعض الأوقات، وغير ذلك.
واستراحة البلاد والشجر، فقيل: لأنها تُمنَع القطرَ بمعصيته، قاله الداوديّ، وقال الباجيّ: لأنه يَغصِبها، ويمنعها حقّها، من الشرب، وغيره. انتهى.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي أن جميع ما ذكروه من أنواع الأذى صالح للدخول في معنى الحديث، فالأولى حمل الحديث على جميع أنواع الأذى من غير تعيين، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي قتادة - رضي الله عنه - هذا مُتَّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٢٠/ ٢٢٠٢ و ٢٢٠٣، (٩٥٠)، و (البخاريّ) في "الرقاق"(٦٥١٢ و ٦٥١٣)، و (النسائيّ) في "الجنائز"(١٩٣٠ و ١٩٣١) و"الكبرى"(٢٠٥٧ و ٢٠٥٨)، و (مالك) في "الموطّأ"(١/ ٢٤١)، و (أحمد) في "مسنده"(٥/ ٢٩٦ و ٣٠٢ و ٣٠٤)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه"(٣/ ٣٢ و ٣٣)،