"ما فعل ذلك الإنسان؟ " قالوا: مات، أو ماتت، قال:"فهلا كنتم آذنتموني؟ " قالوا: إنه كان من أمرها، فأتى قبرها، فصلى عليها، وذكر كلام ثابت. انتهى كلام الخطيب رحمه الله (١).
قال الجامع عفا الله عنه: خلاصة البحث أن هذا الحديث رواه جماعة عن حماد بن زيد، عن ثابت البنانيّ، فاختلفوا على حمّاد، فرواه أبو الرَّبيع الزهرانيّ، وأبو كامل الجحدريّ، عند المصنّف، وأبو داود الطيالسيّ، ومسدّد، كما قال الخطيب عن حماد بن زيد، عن ثابت البنانيّ، وفيه هذه الزيادة، قال الخطيب: وتابعهما يحيى بن الحمانيّ على رواية آخر المتن عن حماد، وقَرَن أبو داود رواية حماد برواية أبي عامر الخزّاز، عن ثابت. انتهى.
وخالفهم في ذلك جماعة، منهم: عارم بن الفضل، وعفّان بن مسلم، ومحمد بن عُبيد بن حِسَاب جميعًا عن حماد بن زيد، فجعلوا قوله:"إن هذه القبور مملوءة … إلخ " من مرسل ثابت، وليس متّصلًا بالحديث.
فتبيّن بهذا أن الأرجح كونها مدرجةً؛ لأمور:
(الأول): ما ذكرناه اَنفاً من بيان هؤلاء الحفّاظ كونها مدرجة، حيث فصّلوها.
(الثاني): أن جماعة رووا هذا الحديث عن حمّاد بن زيد، ولم يذكروا هذه الزيادة، وهم: سليمان بن حرب، عنه، وروايته هي التي أخرجها الإمام البخاريّ رحمه الله في "صحيحه"، ومسدد، وروايته عند أبي داود السجستانيّ، عنه، ويونس بن محمد المؤدِّب، ثلاثتهم عن حماد بن زيد، فاقتصروا على ذكر المسند منه فقط، وهو إلى قوله:"دلّوني على قبره"، دون ما أرسله ثابت، وهو قوله:"إن هذه القبور مملوءة … إلخ".
فاتّفاق هؤلاء على إسقاط هذه الزيادة يرجّح كونها مدرجةً.
(الثالث): صنيع الإمام البخاريّ رحمه الله في "صحيحه"، حيث أخرج الحديث من طريق من أسقط الزيادة، فلو كانت غير مدرجة لأخرجها من طريق من وصلها.