للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

القيام، وفي الرواية التالية: "رأينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام فقمنا، وقعد فقعدنا".

قال الإمام الترمذيّ رحمه الله بعد إخراج الحديث ما نصّه: والعمل على هذا عند بعض أهل العلم، قال الشافعيّ: وهذا أصح شيء في هذا الباب، وهذا الحديث ناسخ للأول: "إذا رأيتم الجنازة فقوموا"، وقال أحمد: إن شاء قام، وإن شاء لم يقم، واحتجّ بأن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قد رُوي عنه أنه قام ثم قعد، وهكذا قال إسحاق بن إبراهيم.

قال أبو عيسى: معنى قول عليّ - رضي الله عنه -: "قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الجنازة، ثم قعد"، يقول: كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم -إذا رأى الجنازة قام، ثم ترك ذلك بعدُ، فكان لا يقوم إذا رأى الجنازة. انتهى كلام الترمذيّ رحمه الله.

قال الجامع عفا الله عنه: هذا الحديث من أدلّة القائلين بنسخ الأمر بالقيام للجنازة، كما ذكره الترمذيّ عن الشافعيّ آنفًا، وقد تقدّم أن الحقّ أنه لا يدلّ على النسخ؛ لأنه مجرّد فعل، وإنما يدلّ على حمل الأمر بالقيام على الاستحباب، فالأرجح ما ذهب إليه أحمد، وإسحاق من جواز الأمرين، وأن الحديث إن دلّ على النسخ فإنما يدلّ على نسخ الوجوب، لا على نسخ المشروعيّة أصلًا.

وأما رواية من رواه بزيادة: "وأمرهم بالقعود"، فقد تقدّم أنها ضعيفة، فلا تقاوم الأحاديث الصحيحة الصريحة بالأمر بالقيام.

والحاصل أن القيام للجنازة مطلقًا مستحبّ؛ لصحّة الأحاديث به دون معارض، وقد تقدّم تحقيق البحث في هذا الباب الماضي، فراجعه، تستفد علمًا جمًّا، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث عليّ بن أبي طالب - رضي الله عنه - هذا من أفراد المصنّف: رحمه الله.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [٢٤/ ٢٢٢٧ و ٢٢٢٨ و ٢٢٢٩ و ٢٢٣٠ و ٢٢٣١]