(الثاني): قوله: وإنما فعله شُقران كراهة أن يلبسها أحد بعده باب إلخ، غير صحيح أيضًا، فقد أخرجه البيهقيّ (٣/ ٤٠٨) بسنده عن حسين بن عبد الله، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال:"وقد كان شقران حين وضع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حفرته، أخذ قطيفة قد كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم يلبسها، ويفرشها، فدفنها معه في القبر، وقال: والله لا يلبسها أحد بعدك، فدفنت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -".
فهذا سند ضعيف؛ لأن حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس بن عبد المطلب الهاشميّ الراوي عن عكرمة اتفقوا على ضعفه، ولذا قال البيهقيّ: ففي هذه الرواية إن كانت ثابتة إلخ.
والصحيح عن شقران ما أخرجه الترمذيّ بسند صحيح، عن عبيد الله بن أبي رافع، قال: سمعت شُقران، مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: أنا والله طرحت القطيفة تحت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في القبر.
فلم يذكر ما ذكره النوويّ، بل أثبت وضعه لها تحته - صلى الله عليه وسلم - ".
وروى ابن أبي شيبة من طريق حفص، عن جعفر، عن أبيه، قال: "ألحد لرسول الله، وأَلْقَى شُقْران في قبره قطيفة، كان يركب بها في حياته"، وهذا مرسل صحيح، وأيضًا لماذا يخصّ شقران القطيفة، ويكره أن يلبسها أحد بعده، ويترك سائر ما كان يستعمله النبيّ، من قميص، وعمامة، وفراش؟ فلماذا لم يدفن جميع ذلك معه؟ هذا شيء عجيب.
ومنها: ما ذكره عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه كره ذلك، وهذا غير صحيح أيضًا؛ لأنه ليس له إسناد، فقد ذكره الترمذيّ (١/ ١٩٥) تعليقًا بلا إسناد، وكذا البيهقيّ الذي نقل النوويّ عنه هذا الكلام، ذكره في "سننه" (٣/ ٤٠٨) بلفظ: "وقد رُوي عن يزيد بن الأصمّ، عن أبن عباس أنه كَرِه أن يجعل تحت الميت ثوبًا في القبر". انتهى.
فهذا غاية ما خالف فيه ابن عباس شُقران على زعم النوويّ، فكيف يُعارَض بمثل هذا ما صحّ في "صحيح مسلم" وغيره عنه أنه أثبت ذلك؟.
ومن الغريب جعل قول البغويّ من الشافعية شاذًّا مع أن الدليل الصحيح، معه، إن هذا لشيء عجيب!!!.
وبالجملة فدعوى عدم علم الصحابة بذلك عجيب!، فكيف لا يعلمون