للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مثل الذي أرسلني إليه - صلى الله عليه وسلم -، وإنما عبّر بـ "على"؛ لما في البعث من معنى الاستعلاء والتأمير؛ أي: أجعلك أميرًا على ذلك، كما أمّرني عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (١).

وقوله: (أَنْ لَا تَدَعَ) يَحْتَمل أن تكون الجملة بيانًا لما بَعَث به النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عليًا - رضي الله عنه -، و"أن" مصدرية، و"لا" نافية، فيكون خبرًا لمبتدأ محذوف؛ أي: هو عدم تركك إلخ، ويَحْتَمِل أن تكون "أن" تفسيرية، و"لا" ناهية، والفعل مجزوم بها؛ أي: لا تترك … إلخ.

(تِمْثَالًا) بكسر التاء: هي الصورة المصوّرة، يقال: في ثوبه تماثيل؛ أي: صورة حيوانات مصوَّرة، قاله في "المصباح" (٢)، وقال في "القاموس": التَّمْثَال بالفتح: التمثيل، وبالكسر: الصورة. انتهى (٣).

(إِلَّا طَمَسْتَهُ)؛ أي: محوته، أو غَيَّرْتَه من هيئته، بقطع رأسه، أو نحو ذلك، وفي الرواية التالية: "ولا صورةً إلا طمستها".

قال القرطبيّ رحمه الله: والتِّمْثَال: مثال صورة ما فيه روح، وهو يعمّ ما كان متجسّدًا، وما كان مصوّرًا في رقم، أو نقش، لا سيّما وقد رُوي "صورة" مكان "تمثال"، وقيل: إن المراد به هنا ما كان له شخص وجسد، دون ما كان في ثوب، أو حائط منقوشًا.

قال: وطمسها: تغييرها، وذلك يكون بقطع رؤوسها، وتغيير وجوهها، وغير ذلك، مما يذهبها. انتهى كلام القرطبي رحمه الله (٤).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: الحقّ تعميم طمس جميع أنواع الصور، فلا يستثنى منها شيء؛ لعموم النصوص الواردة في النهي عن اتخاذها، والأمر بتغييرها، وأن إبقاءها منكر، والله تعالى أعلم.

(وَلَا قَبْرًا مُشْرِفًا) اسم فاعل، من الإشراف، وهو الارتفاع؛ أي: مرتفعًا عن الأرض.

قال السنديّ رحمه الله: قيل: المراد هو الذي بُني عليه حتى ارتفع، دون


(١) "المرعاة" ٥/ ٤٣٥.
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٥٦٤.
(٣) "القاموس المحيط" ٤/ ٤٩.
(٤) "المفهم" ٢/ ٦٢٥.