للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الذي أُعلم عليه بالرمل، والحصى، والحجر؛ ليعرف، فلا يوطأ، ولا فائدة في البناء عليه، فلذلك نُهي عنه. وذهب كثير إلى أن الارتفاع المأمور إزالته ليس هو التسنيم على وجه يُعلم أنه قبر، والظاهر أن التسوية لا تُناسب التسنيم. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: الصواب أن معنى التسوية هو التسطيح، وهو غير التسنيم، فلا يُشرع التسنيم؛ لأنه مما لا يدلّ عليه دليل؛ والله تعالى أعلم.

(إِلَّا سَوَّيتَهُ)؛ أي: ألصقته بالأرض، قال النوويّ رحمه الله: فيه أن السنّة أن القبر لا يُرفع على الأرض رفعًا كثيرًا، ولا يُسنّم، بل يُرفع نحو شبر، ويسطّح، وهذا مذهب الشافعيّ، ومن وافقه، ونقل القاضي عياض عن أكثر العلماء أن الأفضل عندهم تسويتها، وهو مذهب مالك. انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: ظاهر الحديث على ما نقله القاضي عياض عن أكثر العلماء، وأما التسنيم، وكذا رفعه نحو شبر فمما لا دليل عليه، كما تقدم.

[تنبيه]: قال في "المنهل العذب المورود": واتفق العلماء على استحباب رفع القبر نحو شبر؛ ليُعلم أنه قبر، فيتوقى، ويُترخم على صاحبه، إلا أن يكون مسلمًا في دار الحرب، فيُخفى قبره؛ مخافةَ أن يَتعرّض له الكفّار بالأذى. انتهى (٣).

قمال الجامع عفا الله تعالى عنه: دعوى اتفاق العلماء على استحباب رفع القبر شبرًا غير صحيحة؛ لما تقدم من أن التسطيح هو قول مالك، وأكثر العلماء، فأين الاتفاق المزعوم؟ واستدلاله بما أخرجه سعيد بن منصور، والبيهقي، من رواية جعفر بن محمد، عن أبيه: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رشّ على قبر ابنه إبراهيم، ووضع عليه حصباء، ورفعه شبرًا"، غير صحيح؛ لأنه مرسل، فلا يصلح لردّ ما صحّ عنه - صلى الله عليه وسلم - من حديث عليّ - رضي الله عنه - هذا، وحديث فضالة - رضي الله عنه - المتقدم.


(١) "شرح السندي" ٤/ ٨٨.
(٢) "شرح مسلم" ٧/ ٤٠.
(٣) "المنهل العذب" ٩/ ٧٠.