للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأما قوله: ليعلم أنه قبر إلخ، فليس ذلك مما يحيى المحظور، من رفعه عن الأرض؛ لأن كونه قبرًا يعلم من طريق آخر مأذون فيه شرعًا، وهو وضع الحجر عليه حتى يُعلم أنه قبر، كما وضع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - على قبر عثمان بن مظعون - رضي الله عنه - حجرًا، فقد أخرج أبو داود بإسناد حسن، عن كثير بن زيد، عن المطلب بن عبد الله بن حنطب، قال: لما مات عثمان بن مظعون، أُخرج بجنازته، فدُفن، فأمر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - رجلًا أن يأتيه بحجر، فلم يستطع حمله، فقام إليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وحَسَرَ عن ذراعيه، قال كثير: قال المطَّلب: قال الذي يخبرني ذلك عن رسول الله ل - صلى الله عليه وسلم - قال: كأني أنظر إلى بياض ذراعي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين حسر عنهما، ثم حملها، فوضعها عند رأسه، وقال: "أتعلّم بها قبر أخي، وأَدْفِن إليه من مات من أهلي".

وفي إسناده كثير بن زيد مولى الأسلميين، تكلّم فيه بعضهم، ووثّقه ابن عمّار الموصليّ، وابن حبّان، وقال أحمد: ما أرى به بأسًا، وقال ابن معين: لا بأس به، وقال أبو زرعة: صدوق فيه لين، وقال ابن عديّ: أرجو أنه لا بأس به (١).

وبالجملة فهو حسن الحديث (٢)، فهو دليلٌ على جواز وضع الحجر علامة على القبر؛ ليُعرف أنه قبرٌ، وعلى دفن بعض الأقارب بقرب بعض، فتنبّه، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث عليّ بن أبي طالب - رضي الله عنه - هذا من أفراد المصنّف رحمه الله.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [٢٩/ ٢٢٤٣ و ٢٢٤٤] (٩٦٩)، و (أبو داود) في "الجنائز" (٣٢١٨)، و (الترمذيّ) في "الجنائز" (١٠٤٩)، و (النسائيّ) في


(١) راجع ترجمته في: "تهذيب التهذيب" ٣/ ٤٥٨ - ٤٥٩.
(٢) وقد حسّن الحديث الشيخ الألبانيّ رحمه الله.