للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الرواية التي ذكرها مسلم بعد هذا، من حديث أبي مَرْثَد الْغَنَويّ - رضي الله عنه -، قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تجلسوا على القبور، ولا تصلّوا إليها"، ومن حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لأن يَجلس أحدكم على جمرة، فَتُحرِق ثيابه، فتخلُص إلى جلده، خير له من أن يجلس على قبر". انتهى كلام النوويّ رحمه الله ببعض تصرّف (١).

(وَأَنْ يُبْنَى عَلَيْهِ) بالبناء للمفعول أيضًا، قيل: يَحْتَمِل أن المراد البناء على نفس القبر؛ ليُرفَع عن أن يُنال بالوطئ، كما يفعله كثير من الناس، أو البناء حوله، نقله السنديّ رحمه الله في شرح النسائيّ (٢).

وقال التوربشتيّ رحمه الله: البناء يَحْتَمِل وجهين: البناء على القبر بالحجارة، أو ما يجري مجراها، والآخر أن يُضرب عليها خباء، ونحوه، وكلاهما منهيّ عنه. انتهى.

وقال الشوكانيّ رحمه الله: فيه دليل على تحريم البناء على القبر، وفَضل الشافعيّ، وأصحابه، فقالوا: إن كان البناء في ملك الباني، فمكروه، وإن كان في مَقْبَرَة مُسَبَّلَة فحرام، قال الشوكانيّ رحمه الله: ولا دليل على هذا التفصيل. انتهى (٣).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: لقد أجاد الشوكانيّ رحمه الله في هذا التعقّب، فليس لنا دليل يخصص جواز بعض أنواع البناء، دون بعض، فالأرجح عدم جواز البناء مطلقًا؛ لإطلاق النصّ، فتبصّر، ولا تكن أسير التقليد، والله تعالى

أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث جابر بن عبد ألله - رضي الله عنه - هذا من أفراد

المصنّف: رحمه الله.

(المسألة الثانية): في تخريجه:


(١) "شرح مسلم" ٧/ ٤١. وراجع: "نيل الأوطار" أيضًا ٤/ ١٠٤.
(٢) "شرح السندي" ٤/ ٨٦.
(٣) "نيل الأوطار" ٤/ ١٠٤.