للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: الحقّ ما ذهب إليه المانعون من الصلاة في المقبرة، أو إليها، أو عليها مطلقًا، وأن الصلاة باطلة؛ لأن النهي للتحريم، ولا صارف له، والنهي يقتضي الفساد والبطلان، إلا الصلاة على الميت بعدما دُفن؛ فمانها صحيحة؛ عملًا بما صح من الأحاديث في ذلك، كما تقدّم بيان ذلك، فعموم النهي عن الصلاة فيها، وإليها، مخصوص بأحاديث الصلاة على الميت، وبهذا تجتمع الأحاديث من غير تعارض، وبالله التوفيق.

قال العلامة المحقّق أبو محمد بن حزم رحمه الله: وكل هذه الآثار حقّ، فلا تحل الصلاة حيث ذكرنا، إلا صلاة الجنازة؛ فإنها تصلى في المقبرة، وعلى القبر الذي قد دُفن صاحبه، كما فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، نُحَرِّم ما نَهَى عنه، ونَعُدّ من القرب إلى الله تعالى أن نفعل مثل ما فعل، فأمره ونهيه حقّ، وفعله حقّ، وما عدا ذلك فباطل، والحمد لله رب العالمين. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: ما قاله أبو محمد رحمه الله تحقيق حقيق بالقبول؛ لموافقته لصحيح المنقول، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج رحمه الله المذكور أولَ الكتاب قال:

[٢٢٥١] ( … ) - (وَحَدَّثنَا (٢) حَسَنُ بْنُ الزَبِيعِ الْبَجَلِيُّ، حَدَّثنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ يَزِيدَ (٣)، عَنْ بُسْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ، عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ، عَنْ أَبِي مَرْثَدٍ الْغَنَوِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: (لَا تُصَلُّوا إِلَى الْقُبُورِ، وَلَا تَجْلِسُوا عَلَيْهَا").


(١) "المحلّى" ٤/ ٣٢.
(٢) وفي نسخة: "حدّثنا".
(٣) وفي نسخة: "عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر".