للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

باختصار (١).

وذهب الشافعي إلى الفرق بين المقبرة المنبوشة، وغيرها، فقال: إذا كانت مختلطة بلحم الموتى وصديدهم، وما يخرج منهم لم تجز الصلاة فيها للنجاسة، فإن صلى رجل في مكان طاهر منها أجزأته (٢).

وذهب الثوري، والأوزاعي، وأبو حنيفة إلى كراهة الصلاة في المقبرة، ولم يفرّقوا كما فرّق الشافعي، ومن معه بين المنبوشة وغيرها.

وذهب مالك إلى جواز الصلاة في المقبرة وعدم الكراهة، والأحاديث ترد عليه. وقد احتج له بعض أصحابه المالكية بما يقضي منه العجب (٣)؛ فاستدل له بأنه -صلى الله عليه وسلم- صلى على قبر المسكينة السوداء، وأحاديث النهي لا تقصر عن الدلالة على التحريم الذي هو المعنى الحقيقي له، وقد تقرر في الأصول أن النهي يدل عَلَى فساد المنهي عنه، فيكون الحق التحريم والبطلان؟ لأن الفساد الذي يقتضيه النهي هو المرادف للبطلان من غير فرق بين الصلاة على القبر وبين المقابر، وكل ما صدق عليه لفظ المقبرة، أفاده العلامة الشوكاني رحمه الله (٤).


(١) "المحلى" ٤/ ٣٠ - ٣٢.
(٢) ونصق النوويّ في "المجموع" باختصار: أما حكم المسألة، فإن تحقّق أن المقبرة منبوشة لم تصحّ صلاته فيها بلا خلاف إذا لم يبسط تحته شيء، وإن تحقّق عدم نبشها صحّت صلاته بلا خلاف، وهي مكروهة كراهة تنزيه، وإن شك في نبشها فقولان، أصحّهما تصحّ الصلاة مع الكراهة، والثاني لا تصحّ. انتهى. "المجموع" ٣/ ١٥٨.
وقوله: "بلا خلاف": أي بين أصحاب الشافعيّ، لا بين جميع أهل العلم مطلقًا، فتنبه.
قال الجامع: هذه التفاصيل التي ذُكرت في مذهب الشافعي مما لا يخفى بعدها؛ لكونها مخالفة لإطلاق النصوص، فتبضر.
(٣) هكذا النسخة، ولعل الصواب: "بما لا يقضي منه العجب"، والله تعالى أعلم.
(٤) "نيل الأوطار" ٢/ ٣٣٦ - ٣٣٧.