للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إنكارهم (مَا أَسْرَعَ مَا نَسِيَ النَّاسُ): ما الأولى تعجّبيّة، والثانية مصدريّة؛ أي: ما أسرع نسيان الناس.

قال القاضي عياض رحمه الله: اختلفوا في تأويله، فقيل: معناه ما أسرع ما نسي الناس السنّة، وقيل: ما أسرع الناس إلى الطعن والعيب، قال: وجاء في رواية العذريّ أحد التأويلين في حديث عليّ بن حجر، قال: يعني ما نسي الناس، وجاء فيه في حديث ابن حاتم التأويل الآخر مفسّرًا من قول عائشة -رضي الله عنها- بما لا يجب أن يقال سواه، ولا يتأوّل عليها غيره؛ إذ قد نَصَّتْ عليه، ورفعت الاحتمال، فقالت: "ما أسرع الناس إلى أن يعيبوا ما لا علم لهم به". انتهى (١).

وقوله: (مَا صَلَّى رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-) "ما" هنا نافية؛ أي: لم يصلّ -صلى الله عليه وسلم- (عَلَى سُهَيْلِ ابْنِ الْبَيْضَاءِ) القرشيّ، الفهريّ، من المهاجرين، يُكنى أبا موسى، هاجر الهجرتين إلى الحبشة، وشَهِدَ بدرًا، وأحدًا، ومات -رضي الله عنه- بعد رجوع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من تبوك سنة تسع.

وقال النوويّ رحمه الله: قال العلماء: بنو بيضاء، ثلاثة إخوة: سَهْل، وسُهيل، وصفوان، وأمهم البيضاء، اسمها دَعْد بنت الجحدم بن أمية بن ضبّة بن الحارث، والبيضاء وصف، وأبوهم وهب بن ربيعة بن عمرو بن عامر بن ربيعة بن هلال بن مالك بن ضَبَّة بن الحارث بن فهر القرشيّ الفهريّ، وكان سُهيل قديم الإسلام، هاجر إلى الحبشة، ثم عاد إلى مكة، ثم هاجر إلى المدينة، وشهد بدرًا وغيرها، توفي سنة تسع من الهجرة -رضي الله عنه-. انتهى كلام النوويّ بزيادة من "الاستيعاب" (٢).

وأما أخوه سهل، فقال الحافظ أبو عمر رحمه الله: كان ممن أظهر إسلامه بمكة، وهو الذي مشى إلى النفر الذين قاموا في شأن الصحيفة التي كتبها مشركو قريش على بني هاشم، حتى اجتمع له نفر، تبرّءوا من الصحيفة، وأنكروها، وهم هشام بن عمرو بن ربيعة، والمطعم بن عديّ بن نوفل، وزَمْعَة ابن الأسود بن عبد المطّلب بن أسد، وأبو البَخْتَريّ بن هشام بن الحارث بن


(١) "إكمال المعلم" ٣/ ٤٤٥ - ٤٤٦.
(٢) "شرح مسلم" ٧/ ٤٣.