للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

داود": "ومن صلّى على جنازة في المسجد، فلا شيء عليه"، ولا حجّة لهم حينئذ فيه.

[الثالث]: أنه لو ثبتٌ الحديث، وثبت أنه قال: "فلا شيء له لوجب تأويله على: فلا شيء عليه، ليُجمَع بين الروايتين، وبين هذا الحديث، وحديث سهيل ابن بيضاء، وقد جاء "له" بمعنى "عليه كقوله سبحانه وتعالى: {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الإسراء: ٧].

[الرابع]: أنه محمول على نقص الأجر في حقّ من صلّى في المسجد، ورجع، ولم يشيّعها إلى المقبرة لما فاته من تشييعه إلى المقبرة، وحضور دفنه (١)، والله تعالى أعلم. انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قد تبيّن بما ذُكر من أقوال أهل العلم، وأدلتهم في حكم الصلاة على الجنازة في المسجد أن المذهب الصحيح، هو ما عليه الجمهور، من أنه جائز، بلا كراهة؛ لأن أدلة المانعين غير صالحة لمعارضة ما صحّ عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وعن الخلفاء الراشدين -رضي الله عنهم-، كما سبق تفصيله، وأما حديث أبي داود: "من صلى على جنازة في المسجد، فلا شيء له " فضعيف لا حاجة إلى تأويله، فتبصّر، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الخامسة): في اختلاف أهل العلم في حكم صلاة النساء على الجنائز:

[اعلم]: أن حديث الباب يدلّ على مشروعيّة صلاة النساء على الجنائز، قال الباجيّ رحمه الله: هذا الذي يقتضيه مذهب مالك، وقال الشافعيّ: لا يصلي النساء على الجنائز، والدليل على صحة ذلك أن هذه صلاة يصحّ أن يفعلها الرجال، فصحّ أن يفعلها النساء، كصلاة الجماعة، وهل يجوز أن يفعلها النساء دون الرجال؟ قال ابن القاسم وأشهب: يجوز، وإن اختلفا في صفتهما. انتهى.


(١) قلت: هذا الوجه ضعيف؛ لأنه ينافي إثبات قيراط واحد لمن صلى، ورجع، وهو ثابت في "الصحيحين". فتنبّه.
(٢) "شرح صحيح مسلم" ٤٣/ ٧ - ٤٤ كتاب الجنائز.