للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال الخطابيّ: وفيه أنه سمى المقابر دارًا، فدلّ على أن اسم الدار يقع على المقابر، قال: وهو صحيح، فإن الدار في اللغة يقع على الرَّبْع المسكون، وعلى الخراب غير المأهول، كقول الشاعر:

يَا دَارَ مَيَّةً فَالْعَلْيَاءِ فَالسَّنَدِ

ثم قال:

أَقْوَتْ وَطَالَ عَلَيْهَا سَالِفُ الأَمَدِ (١)

(وَأتَاكُمْ) بالقصر؛ أي: جاءكم، قال ابن الملك: وإنما قال: "أتاكم"؛ لأن ما هو آت كالحاضر. انتهى. أو لتحقّقه كأنه وقع (٢).

وقال القاري: ووقع في بعض نسخ "المشكاة": "وآتاكم" بالمدّ؛ أي: أعطاكم تحقيق لقوله تعالى: {رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا} الآية [آل عمران: ١٩٤]. انتهى (٣).

(مَا تُوعَدُونَ)؛ أي: ما كنتم توعدون به من الثواب، أوأعمّ منه ومن العذاب، وقوله: (غَداً) متعلّق بما قبله، وَيحْتَمل تعلّقه بما بعده، وهو قوله: (مُؤَجّلُونَ)؛ أي: أنتم مؤخّرون، وممهلون إلى غد باعتبار أجوركم استيفاءً واستقصاءً، فالجملة مستأنفة مبيّنة أن ما جاءهم من الموعود أمور إجماليّة، لا أجور تفصيليَّة.

وقال الطيبيّ رحمه الله إعرابه مشكلٌ، وإن حمل على الحال المؤكّدة من واو "توعدون " على حذف الواو والمبتدأ كان فيه شذوذان، قال ابن حجر الهيتميّ: وهو سائغ إذا دلّ عليه السياق كما هنا، قال الطيبيّ: ويجوز حمله على الإبدال من "ما توعدون "؟ أي: أتاكم ما تؤجّلونه أنتم، والأجل الوقت المضروب المحدود في المستقبل؛ لأن ما هو آتٍ بمنزلة الحاضر. انتهى (٤).

وقال القاري بعد ذكره كلام الطيبيّ هذا ما نصّه: وهو كما قال ابن حجر بعيد، تكلّف جدًّا، بل السياق ينبو عنه. انتهى (٥).


(١) "معالم السنن" ٤/ ٣٥١.
(٢) "المرعاة" ٥/ ٥١٦.
(٣) "المرقاة" ٤/ ٢٥٤.
(٤) "الكاشف عن حقائق السنن" ٤/ ١٤٣٥ - ١٤٣٦.
(٥) "المرقاة" ٤/ ٢٥٥.