للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال القرطبيّ رحمه الله: قيّد الأسديّ هذا الحرف "لأيّ شيء؛ " بالياء المثناة تحتُ، وخفض "شيء" على الاستفهام؛ تغطيةً لحالها، كأنها تقول: لأيّ شيء تسأل؟، ورواه العذريّ: "لا بي شيءٌ" بالباء الموحّدة، ورفع "شيء"، على أن تكون "لا" بمعنى "ليس "؛ أي: ليس بي شيء، وهي روايتنا، وفي بعض النسخ: "لا شيء"، وهي أقربها. انتهى (١).

(قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- ("لَتُخْبِرِينِي) بفتح اللام وهي اللام الموطئة للقسم، والنون مخفّفة، وفي بعض النسخ مشدّدة؛ أي: والله لتُخبرنّي بما صنعتِ، وقال السنديّ: بفتح لام، ونون ثقيلة، مضارع للواحدة المخاطبة، من الإخبار، فتكسر الراء هنا، وتفتح في الثاني. انتهى.

(أَوْ لَيُخْبِرَنِّي اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ")؛ أي: يوحي إليّ بذلك (قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأمِّي) متعلق بمحذوف؛ أي: أفديك بأبي وأمي، فلما حذف الفعل انفصل الضمير، أو "أنت" مبتدأ، والجار والمجرور متعلّق بالخبر المقدّر؛ أي: مَفْديٌّ بأبي وأمي (فَأَخْبَرْتُهُ)؛ أي: خبر ما جرى لها من متابعته -صلى الله عليه وسلم- (قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- ("فَأّنتِ السَّوَادُ)؛ أي: الشخص (الَّذِي رَأَيْتُ) وفي نسخة: "رأيته" (أَمَامِي؟ "، قُلْتُ: نَعَمْ، فَلَهَدَنِي فِي صَدْرِي لَهْدَةً) بفتح الهاء، والدال المهملة؛ أي: دفعني، وضربني بجُمْع كفّه، وفي بعض النسخ: "فلهزني في صدري لهزةً"، بفتح الهاء، والزاي المعجمة، وهما متقاربان، قال النوويّ: قال أهل اللغة: لَهَدَه، ولَهَّدَه -بتخفيف الهاء، وتشديدها- أي: دفعه. ولَهَزَه: إذا ضربه بجُمْعِ كفه في صدره، ويقرب منهما لَكَزَه، وَوَكَزَه. انتهى (٢). وهذا منه -صلى الله عليه وسلم- كان تأديبًا لها من أجل سوء ظنّها به -صلى الله عليه وسلم- (أَوْجَعَتْنِي، ثُمَّ قَالَ: "أَظَنَنْتِ أَنْ يَحِيفَ اللهُ) عز وجل (عَلَيْكِ وَرَسُولُهُ؟ ") -صلى الله عليه وسلم- أي أن يظلماكِ، يقال: حاف يَحيف، حَيْفًا: جار، وظلم، فهو حائف، وجمعه حَافَةٌ، وحُيَّفٌ، أفاده في "المصباح".

وقال السنديّ رحمه الله: أي بأن يَدخُل الرسول في نوبتك على غيرك، وذكر "الله" لتعظيم الرسول، والدلالةِ على أن الرسول لا يمكن أن يفعل بدون إذن من الله تعالى، فلو كان منه جور لكان بإذن الله تعالى له فيه، وهذا غير ممكن،


(١) "المفهم" ٢/ ٦٣٥.
(٢) "شرح مسلم" ٧/ ٤٧.