للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

هو الصواب لمن كان حريصًا على دينه، فلو كان في هذا الخوض خير لكان المتقدّمون أسبق إليه، وأحرص من المتأخرين عليه، فسلوك سبيلهم فيه السلامة في الدنيا والآخرة، فالواجب الوقوف على ما صحّ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وعدم التوسّع، ونصبِ الخلاف فيما وراءه، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج رحمه اللهُ المذكور أولَ الكتاب قال:

[٢٢٥٩] ( … ) - (حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ كَيْسَانَ (١)، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: زَارَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - قَبْرَ أُمِّهِ، فَبَكَى، وَأَبْكَى مَنْ حَوْلَهُ، فَقَالَ: "اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي فِي أَنْ أَسْتَغْفِرَ لَهَا، فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي (٢)، وَاسْتَأْذَنْتُهُ فِي أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا، فَأُذِنَ لِي، فَزُورُوا الْقُبُورَ، فَإنَّهَا تُذَكِّرُ الْمَوْتَ").

رجال هذا الإسناد: ستة:

١ - (مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ) بن أبي أميّة الطنافسيّ الكوفيّ الأحدب، ثقة حافظٌ [٩] (ت ٢٠٤) (ع) تقدم في "الإيمان" ٣٢/ ٢٣٤.

والباقون ذُكروا في الباب، والباب الماضي.

وقوله: (زَارَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - قَبْرَ أُمِّهِ، فَبَكَى، وَأَبْكَى مَنْ حَوْلَهُ) قال القاضي: بكاؤه - صلى الله عليه وسلم - على ما فاتها من إدراكه، والإيمان به، وقيل: على عذابها، وفيه دليل على جواز البكاء عند حضور المقابر. انتهى.

وقوله: (فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي) بالبناء للمفعول، وفي بعض النسخ: "فلم يأذن لي" بالبناء للفاعل.

وقوله: (فَزُورُوا الْقُبُورَ، فَإنَّهَا تُذَكِّرُ الْمَوْتَ)؛ أي: وذكرُ الموت يزهّد في الدنيا، ويرغّب في العقبى.


(١) وفي نسخة: "عن يزيد يعني: ابن كيسان".
(٢) وفي نسخة: "يأذن لي".