للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال القاضي عياض رَحمه اللهُ (١): قوله: "فزوروها" بَيان في نسخ النهي عن زيارة القبور، وفي علّة الإباحة، وهو أن يكون للتذكر والاعتبار، لا للفخر والمباهاة، ولا لإقامة النوح والمآتم عليه، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: فزوروها، ولا تقولوا هُجْرًا (٢).

[تنبيه]: قال النوويّ رحمه اللهُ: هذا الحديث وُجِد في رواية أبي العلاء بن ماهان لأهل المغرب، ولم يوجد في روايات بلادنا من جهة عبد الغافر الفارسيّ، ولكنه يوجد في كثير من الأصول في آخر "كتاب الجنائز"، ويُضَبَّب عليه، وربما كتب في الحاشية: رواه أبو داود في "سننه" عن محمد بن سليمان الأنباريّ، عن محمد بن عبيد بهذا الإسناد، ورواه النسائي عن قتيبة، عن محمد بن عبيد، ورواه ابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن محمد بن عبيد، وهؤلاء كلهم ثقات، فهو حديث صحيح بلا شك. انتهى كلام النوويّ رَحمه اللهُ (٣).

وقال الحافظ رحمه اللهُ في "النكت الظراف" بعد نقل كلام النوويّ المذكور ما نصّه: قلت: قد ذكره الحميديّ في "الجمع"، من "صحيح مسلم" من طريق الجلوديّ، شيخ عبد الغافر، وكذا سبقه أبو مسعود في "أطراف الصحيحين"، وأخرجه البغويّ في "شرح السنّة" من طريق عبد الغافر الفارسيّ.

قال: وأقرب من هذا أن يُجمع بين الكلامين بأنه سقط من النسخ


(١) "إكمال المعلم" ٣/ ٤٥٢ - ٤٥٣.
(٢) حديث صحيح أخرجه النسائيّ (٢٠٣٣): أخبرني محمد بن قُدامة، قال: حدثنا جرير، عن أبي فروة، عن المغيرة بن سبيع، حدثني عبد الله بن بريدة، عن أبيه، أنه كان في مجلس فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "إني كنت نهيتكم أن تأكلوا لحوم الأضاحي إلا ثلاثًا، فكلوا، وأطعموا، وادّخِروا ما بدا لكم، وذكرت لكم أن لا تنتبذوا في الظروف: الدباء، والمزَفّت، والنقير، والحنتم، انتبذوا فيما رأيتم، واجتنبوا كل مسكر، ونهيتكم عن زيارة القبور، فمن أراد أن يزور فليزر، ولا تقولوا هُجْرًا".
(٣) "شرح النوويّ" ٧/ ٤٦.