للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عياض: ضبطناه عن عامة شيوخنا بفتح العين جمع، وهو اسم للمخرج من ذلك، وقال صاحب "مطالع الأنوار": أكثر الشيوخ يقولونه بالضم، وصوابه الفتح، وهذا الذي ادّعاه من الصواب ليس بصحيح، وقد اعتَرَف بأن أكثر الرواة رووه بالضم، وهو الصواب، جمع عُشْر، وقد اتفقوا على قولهم: عُشُور أهل الذمة بالضم، وهو الصواب، جمع عُشْر، ولا فرق بين اللفظين. انتهى (١).

(وَفِيمَا سُقِيَ) بالبناء للمفعول (بِالسَّانِيَةِ) هو البعير الذي يُستَقَى به الماء من البئر، ويقال له: الناضح، يقال منه: سنا يسنو: إذا أسقى به، ومثله في الحكم البقر، ونحوها، فإن المراد به ما يحتاج في سقيه إلى مؤونة (نِصْفُ الْعُشْرِ") في هذا الحديث وجوب العشر فيما سُقِي بماء السماء والأنهار ونحوها، مما ليس فيه مؤنة كثيرة، ونصف العشر فيما سُقي بالنواضح وغيرها، مما فيه مؤنة كثيرة، وهذا مُتّفق عليه، ولكن اختَلَف العلماء في أنه هل تجب الزكاة في كل ما أخرجت الأرض من الثمار والزروع والرياحين وغيرها إلا الحشيش والحطب ونحوهما، أم يختصّ؟ فعمّم أبو حنيفة، وخصص الجمهور على اختلاف لهم فيما يختص به، قاله النوويّ رَحمه اللهُ (٢).

وقال الخطّابيّ رَحمه اللهُ: إنما كان وجوب الصدقة مختلف المقادير في النوعين؛ لأنّ ما عمّت منفعته، وخفّت مُؤْنته كان أحمل للمواساة، فأُوجِب فيه العشرُ، توسعةً على الفقراء، وجُعل فيما كثُرت مؤونته نصف العشر؛ رِفْقًا بأرباب الأموال. انتهى.

وقال ابن قُدامة رحمه اللهُ ما حاصله: كلّ ما سُقي بكُلْفة ومُؤنة، من دالية، أو سانية، أو دُولاب، أو ناعورة (٣)، أو غير ذلك، ففيه نصف العشر، وما سُقي بغير مُؤنة ففيه العشر، لا نعلم في هذا خلافًا، وهو قول مالك، والثوريّ، والشافعيّ، وأصحاب الرأي، وغيرهم؛ لما روينا من الخبر، ولأن للكُلْفة تأثيرًا


(١) "شرح النوويّ" ٧/ ٥٤.
(٢) "شرح النوويّ" ٧/ ٥٤ - ٥٥.
(٣) هي المَنْجَنُون التي يُديرها الماء، والجمع نواعير. سمّيت بذلك لنعيرها؛ أي تصويتها. أفاده في "المصباح".