للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال: وأجمع أهل العلم على أن الصدقة واجبة في الحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب، قاله ابن المنذر، وابن عبد البرّ. انتهى كلام ابن قُدامة (١).

والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الخامسة): في اختلاف أهل العلم في اشتراط النصاب لوجوب زكاة الزروع والثمار:

ذهب الجمهور إلى أنه لا تجب الزكاة في شيء من الزروع والثمار حتى تبلغ خمسة أوسق.

وممن قال به عبد الله بن عمر، وجابرٌ، وأبو أُمامة بن سهل، وعمر بن عبد العزيز، وجابر بن زيد، والحسن، وعطاء، ومكحول، والحكم، والنخعيّ، ومالك، وأهل المدينة، والثوريّ، والأوزاعيّ، وابن أبي ليلى، والشافعيّ، وأبو يوسف، ومحمد، وجمهور أهل العلم (٢).

وذهب أبو حنيفة إلى أنه لا يُشترط النصاب لوجوب الزكاة فيما يَخرُج من الأرض، فيجب عنده العشر، أو نصف العشر في كثير الخارج، وقليله، وهو مرويّ عن إبراهيم النخعيّ، ومجاهد، وعمر بن عبد العزيز (٣)، أخرج ذلك عنهم عبد الرزاق، وابن أبي شيبة في "مصنّفيهما"؛ لعموم قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} الآية [البقرة: ٢٦٧]، وقوله: - صلى الله عليه وسلم -: "فيما سقت السماء العشر"، قالوا: إن الآية، والحديث عامان، فإن "ما" من ألفاظ العموم، فتشمل ما كان خمسة أوسق، أو أقلّ، أو أكثر، ولأنه لا يُعتبر له حولٌ، فلا يُعتبر له نصابٌ.

واحتجّ الجمهور بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة". متفقٌ عليه، قالوا: هذا خاصّ يجب تقديمه على العامّ، فيخصص به عموم ما أوردوه، كما خصصنا بلا خلاف قولَه - صلى الله عليه وسلم -: "في سائمة الإبل الزكاة" بقوله: "ليس فيما دون خمس ذَوْدٍ صدقة"، وقولَه - صلى الله عليه وسلم -: "في الرقة ربع العشر" بقوله:


(١) "المغني" ٥/ ١٥٤.
(٢) ذكر ذلك ابن قدامة في مغنيه ٥/ ١٦١ - ١٦٢.
(٣) تقدم عن إبراهيم، وعمر بن عبد العزيز مثل قول الجمهور أيضًا.