للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(المسألة السابعة): في اختلاف أهل العلم فيما تجب فيه الزكاة من الثمار والحبوب:

قال أبو إسحاق الشيرازيّ رحمه الله في "المهذّب": تجب الزكاة في كلّ ما تُخرجه الأرض، مما يُقتات، ويُدَّخَر، ويُنبته الآدميّون، كالحنطة، والشعير، والدُّخْن، والذُّرَة، والْجَاوَرْس، والأرز، وما أشبه ذلك (١).

وقال ابن قدامة في "المغني": وقال مالك، والشافعيّ: لا زكاة في ثمر إلا التمر، والزبيب، ولا في حبّ، إلا ما كان قوتًا في حال الاختيار، إلا في الزيتون على اختلاف (٢).

وذهب أبو حنيفة أنها تجب في كلّ ما يُقصد بزراعته نماء الأرض، إلا الحطب، والقصب الفارسيّ، والحشيش، وهو قول عمر بن عبد العزيز، وأبي بردة بن أبي موسى وحمّاد، وإبراهيم. واحتجّوا بعموم قوله تعالى: {وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} الآية [البقرة: ٢٦٧]، وبعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فيما سقت السماء العشر".

وتُعُقّب بأن عموم ما ذُكر يُخصّ بحديث أبي سعيد الخدريّ - رضي الله عنه - المتقدّم: "ليس في حبّ، وتمر صدقة … "، فيقيّد عموم "ما أخرجنا لكم"، و"ما سقت السماء" بالحبوب التي يَقتات بها الآدميّون على ما فسّره به أهل اللغة كما سيأتي إن شاء الله تعالى.

وإلى قول أبي حنيفة، ومن معه ذهب داود الظاهريّ، إلا أنه قال: إن كلّ ما يدخل فيه الكيل يُراعى فيه النصاب، وما لا يدخل، ففي قليله وكثيرة الزكاة، قال الحافظ: وهذا نوع من الجمع بين الحديثين.

وذهب أحمد إلى أنها تجب فيما جمع الكيل، والبقاء، واليبس، من الحبوب، والثمار، مما يُنبته الآدميّون؛ إذا نبت في أرضه، سواء كان قوتًا، كالحنطة، والشعير، والسُّلْت، والأرز، والذّرة، والدُّخْن، أو من الْقِطْنيّات (٣)،


(١) "المهذب بشرح المجموع" ٥/ ٤٦٨.
(٢) "المغني" ٤/ ١٥٦.
(٣) بالكسر، حكاه ابن قتيبة بالتخفيف، وأبو حنيفة بالتشديد: الحبوب التي تدّخر.
وذكره في "اللسان" بضم القاف ضبط قلم، وقال: ما كان سوى الحنطة، والشعير، =