للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: تصحيح الحاكم، وموافقة الذهبيّ له، غير صحيح؛ لأن الحديث فيه ثلاث علل:

(أحدها): عنعنة سفيان الثوريّ، فإنه معروف بالتدليس، وهذه العلّة بمفردها تكفي في ردّ مثل هذا الحديث الذي ذكروه لمعارضة عموم الأدلّة الصحيحة.

(ثانيها): أن طلحة بن يحيى مختلف فيه، فهو وإن وثّقه جماعة، فقد تكلّم فيه آخرون، قال يحيى القطّان: لم يكن بالقويّ. وقال البخاريّ: منكر الحديث. وقال يعقوب بن شيبة: لا بأس به، في حديثه لين. وقال ابن حبّان: كان يخطئ. وقال الساجيّ: صدوق لم يكن بالقويّ (١) فتفرُّد مثله بمثل هذا الحديث الذي يعارض الأحاديث الصحيحة محلّ نظر.

(ثالثها): أنه اختُلف في رفعه، ووقفه، فقد رواه البيهقيّ (٤/ ١٢٥)، كما سبق، ورواه من طريق الثوريّ أيضًا، عن طلحة بن يحيى، عن أبي بردة، عن أبي موسى الأشعريّ، ومعاذ بأنهما حين بُعثا إلى اليمن لم يأخذا إلا من الحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب. قال الإمام ابن دقيق العيد في "الإمام": وهذا غير صريح في الرفع. انتهى (٢).

والحاصل أن هذا الحديث لا يصحّ، فلا تُعارَض به الأدلّة السابقة.

(ومنها): ما روى ابن أبي شيبة، وأبو عُبيد في "الأموال" (ص ٤٦٨)، ويحيى بن آدم في "الخراج" (ص ١٤٨) عن موسى بن طلحة: أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معاذًا حين بعثه إلى اليمن أن يأخذ الصدقة من الحنطة، والشعير، والنخل، والعنب. وهذا منقطع؛ لأنّ موسى بن طلحة لم يُدرك معاذًا، كما قاله ابن حزم (٥/ ٢٢٢) وقال الحافظ في "التلخيص": فيه انقطاع. وقال أبو زرعة: موسى بن طلحة بن عُبيد الله، عن عمر مرسلة، ومعاذٌ توفّي في خلافة عمر، فرواية موسى بن طلحة عنه أولى بالإرسال. وقال تقيّ الدين في "الإمام": وفي الاتصال بين موسى بن طلحة ومعاذ نظر، فقد ذكروا أن وفاة موسى سنة ثلاث


(١) راجع: ترجمته في "تهذيب التهذيب" ٢/ ٢٤٤ - ٢٤٥.
(٢) نصب الراية ٢/ ٣٨٩.