فيجتمع عندهم العشر والخراج في أرض واحدة، ولا يمنع أحدهما وجوب الآخر.
وقال أبو حنيفة: لا عشر فيما أُصيب في أرض الخراج، فاشترط لوجوب العشر أن تكون الأرض عشريّة، فلا يجتمع عنده العشر والخراج في أرض واحدة.
واحتجّ الجمهور بقوله تعالى:{وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ}[البقرة: ٢٦٧]، وقول النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "فيما سقت السماء العشر … " الحديث، متّفق عليه، وغيرها من عمومات الأخبار.
قال ابن الجوزيّ في "التحقيق" بعد ذكر هذا الخبر: هذا عامّ في الأرض الخراجيّة وغيرها. وقال ابن المبارك: يقول الله تعالى: {وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ}، ثم يقول: نترك القرآن لقول أبي حنيفة.
واستدلّ الشيخ ابن دقيق العيد في الإمام للجمهور بما روى يحيى بن آدم في "الخراج"(ص ١٦٥)، والبيهقيّ من طريقه (٤/ ١٣١) عن سفيان بن سعيد، عن عمرو بن ميمون بن مِهْرَان، قال: سألت عمر بن عبد العزيز عن مسلم يكون في يده أرض خراج، فَيُسألُ الزكاة، فيقول: عليّ الخراجُ؟ قال: فقال: الخراج على الأرض، وفي الحبّ الزكاة، قال: ثمّ سألته مرّة أخرى، فقال مثل ذلك. ورواه أبو عبيد في "الأموال"(ص ٨٨) عن قبيصة، عن سفيان. قال الحافظ في "الدراية"(ص ٢٦٨): وصحّ عن عمر بن عبد العزيز أنه قال لمن قال: إنما عليّ الخراجُ: الخراج على الأرض، والعشر على الحبّ. أخرجه البيهقيّ من طريق يحيى بن آدم. وأخرج أيضًا عن يحيى، ثنا ابن المبارك، عن يونس -وفي "الخراج" ليحيى (ص ١٦٦)"عن معمر" مكان "عن يونس"- قال: سألت الزهريّ عن زكاة الأرض التي عليها الجزية؟ فقال: لم يزل المسلمون على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وبعده يُعاملون على الأرض، ويستكرونها، ويؤدّون الزكاة مما خرج منها، فنرى هذه الأرض على نحو ذلك. انتهى. وهذا فيه إرسال.