وروى يحيى بن آدم في "الخراج"(ص ١٦٥)، وأبو عبيد في "الأموال"(ص ٨٨) عن إبراهيم بن أبي عَبْلَة، قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى عبد الله بن أبي عوف، عاملِهِ على فلسطين، فيمن كانت في يده أرض يحرثها من المسلمين أن يقبض منها جزيتها، ثم يأخذ منها زكاة ما بقي بعد الجزية، قال ابن أبي عبلة: أنا ابتليت بذلك، ومنّي أخذوا الجزية -يعني خراج الأرض-.
واستدلّ الحنفيّة بما رواه ابن عديّ في "الكامل"، والبيهقيّ من طريقه عن يحيى بن عنبسة، ثنا أبو حنيفة، عن حمّاد، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يجتمع عشر وخراج في أرض مسلم".
وبأن أحدًا من أئمّة العدل وولاة الْجَوْر لم يأخذ من أرض السواد عشرًا إلى يومنا هذا، فالقول بوجوب العشر فيها يخالف الإجماع، فيكون باطلًا. قال صاحب "الهداية": لم يجمع أحدٌ من أئمة العدل والجور بينهما، وكفى بإجماعهم حجة. انتهى.
وأجيب عن الحديث بأنه باطلٌ، لا أصل له. قال البيهقيّ: هذا حديثٌ باطلٌ وَصْلُه، ورَفْعُه، ويحيى بن عنبسة متّهمٌ بالوضع، وقال ابن عديّ: يحيى بن عنبسة منكر الحديث، وإنما يُروَى هذا من قول إبراهيم. وقد رواه أبو حنيفة، عن حمّاد، عن إبراهيم قولَهُ، فجاء يحيى بن عنبسة، فأبطل فيه، ووصله إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ويحيى مكشوف الأمر في ضعفه؛ لروايته عن الثقات الموضوعات. انتهى. وقال ابن حبّان: ليس هذا من كلام النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ويحيى بن عنبسة دجّالٌ يضع الحديث، لا تحلّ الرواية عنه. وقال الدارقطنيّ: يحيى هذا دجّال يضع الحديث، وهو كذب على أبي حنيفة، ومن بعده إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وذكره ابن الجوزيّ في "الموضوعات". كذا في "نصب الراية" ٣/ ٤٤٢.
وأجيب عن دعوى الإجماع بأنها باطلة جدًّا. قال الحافظ في "الدراية" ردًّا على صاحب "الهداية: ولا إجماعَ مع خلاف عمر بن عبد العزيز، والزهريّ، بل لم يثبت عن غيرهما التصريح بخلافهما. انتهى. وقال أبو عبيد في "الأموال" (ص ٩٠): لا نعلم أحدًا من الصحابة قال: لا يجتمع عليه العشر